د.عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / رحمك الله يا عادل القصار

تصغير
تكبير
لم أزامله وجهاً لوجه، بل تتلمذت على كتاباته وأفكاره مذ كنت صغيراً، فما عرفته إلا مدافعاً عن قضايا المسلمين في الشرق والغرب، كنت أقرأ مقالاته المكتوبة بمداد من دم ينزف غَيْرة على الوطن والدين، وحمية على الحرمات التي تنتهك هنا وهناك.

فقد شارع الصحافة رمزاً من رموز الكتابة الوطنية الرصينة المتزنة، وقلما من الأقلام التي انبرت للدفاع عن قضايا الأمة الكبرى، وشخصاً أحبه الكثيرون وإن لم يلتقوه أو يزاملوه يوماً ما، وكاتباً احترمه مخالفوه رغم كثرتهم من الكتاب ذوي الاتجاهات الليبرالية، وما كان ذلك ليكون لولا احترامه لقرائه الذين سيفقدونه، ويفقدون زاويته، وأنا منهم، إنه الأستاذ عادل القصار، صاحب زاوية (بين الاتجاهات) في الزميلة «القبس».

لقد صارع المرض الخبيث أربعة أعوام، دون كلل أو ملل، دون خوف أو وجل، دون تشاؤم من المستقبل، بل كان ملؤه الأمل المشرق، أمل تقرأه بين سطور مقالاته، فقد ظل يكتب ويكتب وهو على فراش المرض، لم تثنه الآلام عن مواصلة الدرب الذي ابتدأه، رحمك الله يا أبا فيصل، فقد كنت قدوة للقلم الحر.

اعتمد عادل القصار رحمه الله في كتاباته على مخاطبة العقول قبل العواطف، على عرض الحقائق والدلائل والبراهين دون جدل بيزنطي لا فائدة منه، وستستمر كتاباته نبراساً للكثيرين ممن يريدون تعلم أسلوب السهل الممتنع، الأسلوب الذي تعلن فيه مخالفتك للآخرين بكل صراحة دون أن تطعن في شخوصهم، فمقالاته الممتعة كانت تزودنا بالمعلومة والفكرة دون تعصب في ثناياها وبين سطورها، أو احتقار لمعارضيها، مما يجبرك على تقبل اختلافه معك، واحترام قلمه الأبي الصادق.

لم يتلون عادل القصار رحمه الله في مقالاته، فقد داوم على الدفاع عن القضايا التي آمن بها حتى آخر لحظة من حياته، وقد كان لقضية فلسطين والمسجد الأقصى نصيب الأسد لديه، فقد كان مجاهدا بقلمه ونزف روحه الطاهرة.

عذراً عادل القصار، فإن كنا قد قصرنا في التواصل معك في حياتك، فنسأل الله سبحانه أن يجمعنا بك في عليين، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأن يلهم أهلك وذويك ومحبيك وقراءك الصبر والسلوان، وأن يوسع عليك في قبرك، ويجعله روضة من رياض الجنة، وأن يغفر لنا ولك ما قدمنا وما أخّرنا، وما أسررْنا وما أعلنّا، إنه سميع مجيب الدعاء.





د.عبداللطيف الصريخ

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي