ليلة الخميس الماضي هاتفني الفنان المعروف منصور المنصور وسألني عن الاتصالات الغريبة التي تنهال على الناس في الكويت من أفريقيا وتحاول ان تبتزهم ماليا بحيل نفسية عجيبة، وقبل أن يشرح لي ما حدث لابن أخيه الشاب منصور حسين المنصور، بادرته بالجواب والمعلومات حول الأحابيل التي ينصبها الدجالون على عامة الناس بهذه الاتصالات الغبية. فقال لي هذا منصور ابن اخي يريد ان يشرح لك قصة هاتف الضلال الذي تلقاه، ومن حسن الحظ انه كان واعيا بالدجل وطرائقه وأصحابه وواثقا من ايمانه، وسألته كيف بدأت القصة، قال: رن هاتفي الجوال رنة ثم سكت، فلما نظرت إلى الرقم وجدته دولياً يبدأ بـ (22) اتصلت عليه من باب الاستفهام لغرابة الاتصال، وقلت له من المتصل، فقال لي معاك الشيخ ابراهيم- وهو يتكلم باللغة العربية- ثم قال لقد أتاني رقم وأنا أصلي صلاة الاستخارة، وهناك رجلان وفتاة عملوا لك سحراً شريراً، قال منصور فاغلقته في وجهه، ثم اتصلت عليه من رقم ثان، وغيرت صوتي فقال لي لقد أتاني رقمك في المنام وهناك شخص مقرب اليك عمل لك سحراً ضاراً، ووالدك رجل صالح وهو يدعو لك بالخير فقلت له معلومة غلط لاكتشف كذبه، بأن والدي متوفى؟ فكيف يدعو لي؟! فأجاب النصاب مباشرة... لا إنه يدعو لك وهو في قبره!
قال منصور: والوالد الحمد لله حيّ يرزق بارك الله في عمره.
ثم قال لي: أعداؤك كثر وأولهم واحد يبدأ اسمه بحرف (م)، فأوهمته قائلا: انا عرفت واحداً منهم اسمه (منصور)! فقال الساحر: لا إله إلا الله لقد قلتها بلسانك! فأحسسته بأنني خائف وقلت له أريد العلاج والخلاص من هذا السحر المدمر، فقال ابعث لي (10.000) ألف يورو وإلا سيصيبك سرطان وعقم، والخ... فقلت له عندنا عطلة رأس السنة وعيد الأضحى تمتد ستة أيام فقال سأعطل السحر (6) أيام، وقلت له يكفيك ألفين يورو فقال مبدئيا ألفين، وانهيت المكالمة مع النصاب.
هذه القصة الطريفة الواقعية التي حصلت مع الاخ منصور ابن الفنان حسين المنصور فيها معطيات عدة اولاها: سهولة الوصول إلى الناس عامة عبر وسائل الاتصال المتطورة جدا والمنتشرة جدا، وثانيها: استهداف منطقة الخليج بشكل واسع لاعتبارات عديدة، منها الوفرة المادية التي بدأت تتراجع، وثالثها: لعب الدجالين على وتر الايهام والحيل النفسية، ورابعها: التظاهر بالتدين والصلاح في اصطياد ضحاياهم مثل قراءة القرآن، والرؤى والمنامات وصلاة الاستخارة ومحبة انقاذ الاخرين، والذي اعجبني كثيرا هو التصرف الذكي والشجاع للشاب منصور مع النصاب مهما بدا ذكيا او واثقا وان كان غبيا في دجله، الا ان بعض ابنائنا وبناتنا قد يقعون في شباك هؤلاء، إما من باب احسان الظن بهم او الخوف منهم! واطرح هذه القصة لأني خلال اسبوع واحد تلقيت اتصالات عديدة كلها تستفهم عن هذه الهواتف المجهولة التي تأتيهم بلا استئذان... يوم الجمعة سافرت الدوحة وفي الطائرة كان بجواري شاب من عائلة أمان ذاهب لتهنئة أحد المعاريس من معارفه، وروى لي أن اتصالاً هاتفياً جاءه عن ذات الموضوع، كنت يوم السبت الماضي في الوفرة فاخبرني احد المدرسين انه تلقى اتصالاً من ذات النوع، ابني الاوسط جاءه ايضا اتصال، ولما سألت الشاب منصور صاحب القصة هل تعرف احداً تلقى اتصالاً مماثلا؟ قال ثلاثة من الربع وكذلك الوالدة... شيء عجيب، وعمل مركز دائم، واستهداف مكثف، طلبت من منصور ان يبعث لي رقم النصاب فارسله لي وانا احتفظ به، ويبدو انه من السنغال... فكيف نتعامل مع هذه الاتصالات اذا عرفناها من الجانب القانوني؟ وهل يمكن معرفة المتصل والوصول إليه؟
والجانب الثاني قضية الوعي العام الذي ينبغي ان ينتشر بين الناس عن ضعف وسذاجة وحمق هؤلاء النصابين، سألت الفنان منصور المنصور ماذا تفعل لو اتصل بك احدهم واخبرك أنك مسحور؟! قال ضاحكا، اول شيء أسأله عن نوع السحر شنو؟ قلت ان مواجهة الساحر بسيل الاسئلة الذكية المربكة وسيلة لفضحه والحمد لله انك غير مسحور!
محمد العوضي