فجأة أصبحنا نعيش ونسبح ونغطس في عالم الرياضة، وكل ما حولنا رياضة، فالمونديال الافريقي قد اجتذب أنظار الجميع وتسبب في فتنة لأبنائنا الذين يؤدون الامتحانات النهائية، وربح تجار «الرسيفرات المشفرة» من بيع بضاعتهم على عشاق الكرة، كما أصبح شعار «GO AFRICA» أمنية للكثيرين بعد أن كانت أفريقيا مكاناً مخيفاً وموحشاً.
أما بالنسبة لمثل حالاتي ممن لا يفقهون شيئاً في الرياضة فإن الميزة الوحيدة هي أن الشوارع قد أصبحت جميلة وفاضية وقت المباريات بشرط أن أحفظ جدول المباريات لكي أعد العائلة بالتمشي وقت المباراة، لكن المشكلة هي أن درجة الخمسين مئوية التي تظل حتى منتصف الليل قد فركشت سعادتنا وجعلتنا نسير في سونار متواصل لا نشعر فيه بلذة النزهة.
ما ذكرناه هو الشق الجميل من الرياضة - طبعاً لعشاقها - ولكن الجزء المخيف من تلك اللعبة هو ما تشهده الساحة السياسية اليوم من صراع مرير بين الشيوخ ومناصريهم على تلك اللعبة التي بدأت تتصاعد الى أن تحولت الى استجواب لرئيس مجلس الوزراء قد يطيح بكثير من الرؤوس ويسبب انشقاقاً في البلد أكبر من جميع القضايا التي سبقته.
وإذا كنا اليوم مُحاصرين من جميع الاتجاهات من الرياضة في التلفاز والصحف ومجلس الأمة والدواوين، فإننا كذلك مُحاصرون بخيبات الأمل المستمرة من كهرباء تهددنا بالانقطاع المستمر وتبخر آمالنا بطوارئ 2007 و2008 و2009 إلى 2050 لأن العقلية التي تخطط لنا تعيش في عصر يختلف عن عصرنا، ومحاصرون من جنون الشوارع وإطباقها على من فيها تحت درجات الاشتعال، وتبخر آمالنا «بالمونريل» والقطار والجسور وغيرها، ومحاصرون من مجلس أمة هو عبارة عن مجموعة من «المهاوشجية» الذين يعشقون وضع العصا في جميع دواليب الحكومة من أجل كسب بطولات شعبية ووهمية، ولا يفقهون شيئاً في التشريع.
ومُحاصرون من حكومة عايشة بالعسل بينما البلد ينحدر الى الهاوية، وكلما دافع عنه النواب جرتهم الى قاع البحر واعتبرت من يدافع عنها فداويا لا يستحق أكثر من الاغداق عليه من المال. ومحاصرون من تخبط رياضي نفّر الناس من هذه اللعبة الجميلة ونفّر العالم من هذا الشعب الذي يتعارك على كل شيء حتى اذا لم يجد ما يتعارك عليه خلق لنفسه شيئاً يتعارك عليه.
وداعاً عادل القصار
لا أدري كيف يصف الإنسان حزنه على اخوان له عاش معهم حيناً من الدهر في محبة وتعاطف، وبنى معهم الآمال العريضة لتغيير الواقع واصلاح المجتمع، ثم تركوه ورحلوا دون سابق انذار، انه الأخ الفاضل عادل القصار رحمه الله الذي وجد نفسه في صراع مرير مع المرض سنوات والذي لم يترك جزءاً من جسمه دون أن ينهشه ويتركه عظماً رقيقاً طريح الفراش.
لقد كان أبوفيصل - رحمه الله - مجاهداً بقلمه ولسانه - عقوداً طويلة - دون أن يكل أو يمل، وكان يسعى جهده لجمع أصحاب القلم الصادق في بيته من أجل توحيد جهودهم في توصيل كلمة الحق للناس، كما تخصص في رصد العمل الاسلامي في الغرب ودعمه بكل قوة، وكان صاحب كلمة صادقة لا يبالي بما يحدث بعدها.
رحم الله أبا فيصل وأسكنه فسيح جناته وجزى الله أم فيصل وأبناءها على صبرهم واحتسابهم ووقوفهم مع والدهم في العسر والشدة لسنوات طويلة من المحنة.
د. وائل الحساوي
[email protected]