د. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة / المجلس النيابي والمحطة النووية

تصغير
تكبير
تأتينا التصريحات بين وقت وآخر عن البدء في اتخاذ خطوات من أجل بناء محطات لتوليد الطاقة النووية للأغراض السلمية، وأن هناك زيارات للوفود للبحث في المشروع بعضها ذهبت إلى فرنسا، وربما وقعّت معها اتفاقيات وأخرى تبحث الأمر في روسيا وأميركا، وربما دول أخرى، من أجل بلورة الصورة النهائية للمشروع النووي الذي كما تصفه التصريحات الإعلامية، بأنه مهم وحيوي لمستقبل استخدامات الطاقة الكهربائية بالبلاد، خصوصا أنه يجنبنا هدر المورد النفطي المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية، فضلاً عن تجنب الملوثات الغازية الناتجة عن استخدامات المواد الهيدروكربونية الضارة بالصحة العامة.

التوجه نحو إنشاء المحطة النووية للأغراض السلمية، رغم التأخر فيه، توجه حكومي ينبغي مساندته انطلاقاً من أسس كثيرة أبرزها انه يساعد على خفض كلفة انتاج الطاقة الكهربائية التي نستهلكها بمعدلات مرتفعة حيث اننا من أكثر الشعوب استهلاكاً لها، بينما في الوقت نفسه لا يتحمل الناس سوى أقل من ربع هذه الكلفة لأن الحكومة تتحمل غالبية الكلفة الانتاجية والاستهلاكية للكهرباء والماء، بل ان هناك من لا يدفع حتى ربع هذه الكلفة، أي (ببلاش) دون محاسبة ومتابعة!

المهم أن مشروع المحطة النووية لانتاج الكهرباء أصبح الركن المهم في مشاريع الدولة التنموية، ولا أعرف إذا كانت هناك دراسات عن التكلفة ومعدل ارتفاع الطلب على الكهرباء في الأعوام المقبلة حتى (2050) وما الاطار القانوني للتشغيل على المستوى المحلي (حكومي أم خاص أم مشترك)، والتزامات الدولة تجاه القانون الدولي، خصوصا الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهل تم بحث الموضوع من جوانبه كافة في المجلس النيابي، خصوصاً وانه مشروع حيوي ومكلف؟

ولا أظن أن مشروعا كهذا لا يستند على الدراسات البيئية والصناعية وتقدير كلفته المستقبلية العالية، خصوصا ان الآراء تشير إلى ان كلفة كل ألف ميغاواط من الكهرباء لا تقل عن (5) مليارات دولار مقابل الحاجة إلى نحو (40-45) ألف ميغاواط عام (2030-2040)، تكلفة عالية بلا شك تحتاج إلى التأني والكثير من المشاورات، وربما اتفاقيات مع أكثر من دولة لإقرار مكونات المشروع على أساس منهجي وعلمي بعيد عن السياسة أو ارضاء دولة معينة.

أما الشق المتعلق بإدارة هذه المحطة فإنه قضية تشكل لب المشروع. فكما هو معروف ان الأمن والسلامة في المحطات النووية مسألة حياتية، ولخطورة احتمالات الأخطاء في الاشراف والمتابعة والصيانة للمحطة فإنه لا بد من ترتيب خاص مع الأطراف المتخصصة في إدارة المحطات وليس كما تعودنا تسليم العمل لإداريين يبحثون عن وظائف، خصوصا ان دولاً كثيرة لديها محطات نووية تعطي الجوانب الأمنية والسلامة أهمية بالغة من أجل منع التسرب النووي.





د. يعقوب أحمد الشراح

كاتب كويتي

yaqub44@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي