د. وائل الحساوي / نسمات / تركيا... اللاعب القديم الجديد

تصغير
تكبير
قاد الشريف حسين ما سمي «بالثورة العربية الكبرى» ضد الدولة العثمانية ووقف بجانب الانكليز والفرنسيين في الحرب العالمية الاولى عندما وعدوه بأن يقدموا له الوطن العربي هدية له ولأبنائه مقابل وقوفه معهم، وقد قادهم العميل الانكليزي «لورنس» في ثورتهم الكبرى واملي عليهم ما تريده بريطانيا وفرنسا.

وبالفعل فقد انهزمت ألمانيا وحليفتها تركيا وانتصر الحلفاء، وكان جزاء العرب هو تقسيم وطنهم الى دويلات متمزقة واحتلالها مباشرة من فرنسا وبريطانيا، اما الشريف حسين فقد كافأه الانكليز بتتويج بعض ابنائه على العراق والاردن، اما هو فقد تم نفيه الى قبرص حيث ذاق مرارة الندم والحرمان، وفي المقابل فقد اسقطت الدولة العثمانية وحل محلها حكم اتاتورك العلماني لما يقارب السبعين سنة، ومنذ ذلك الوقت وتركيا قد انعزلت عن محيطها الاسلامي وتولدت الكراهية والشك بينها وبين العرب وابتعدت عن التفاعل مع قضاياهم وآثرت الارتماء في احضان الغرب والدخول في السوق الاوروبية المشتركة، كما نسقت مع الكيان الصهيوني في مجال التسلح والمناورات العسكرية.

المهم هو ان العرب قد خاضوا عقودا من الصراع من اجل نيل استقلالهم وتأسيس دولهم، ثم صراعات فاشلة ضد الكيان الصهيوني ثم صراعات دامية بين كل دولة واختها ومشاريع وحدة فاشلة ومزيد من التمزق والشك والريبة وتبادل الاتهامات.

لكن الاهم في كل ذلك هو ان الدول العربية قد فقدت زمام المبادرة، والتأثير منذ زمن طويل ولم يعد لدولها مجتمعة او متفرقة اي تأثير في الاحداث او في نيل الكرامة، حتى اكبر الدول العربية: مصر وسورية والسعودية لم يعد لها اي دور كبير او ثقل مؤثر، بينما برزت ايران وباكستان كدول اسلامية قوية، لكن باكستان قد تم اشغالها بمشاكلها الداخلية الى درجة الشلل بينما ايران قد تصرفت دوما بمعزل عن واقعها الاسلامي ان لم يكن معاكسا لطموحات الشارع الاسلامي ومضادا له وطموحا نحو اقامة الدولة الفارسية.

لقد كان للدخول العفوي لتركيا في خضم الاحداث الفلسطينية والتي اشعل شرارتها الغزو البربري الاسرائيلي على غزة ثم زادها الهجوم على الاتراك في قافلة الحرية، لقد كان لذلك الدخول وقعه المدوي على الشعوب العربية التي فقدت الامل من قياداتها العربية ومن ايران، وتنبهت الى اهمية اخذ تركيا لدورها المحوري والدخول الى حلبة الصراع، بالطبع لا يمكننا ان نعقد آمالا كبيرة على تركيا في الوقت الحالي فهي لا تزال مكبلة بالثقل السكاني والمشاكل الاقتصادية، كما انها مكبلة بالمعاهدات الكثيرة مع اسرائيل ومع الغرب، ولا تزال ترى اهمية توثيق العلاقات معهم لشدة حاجتها لدعمهم مقابل ادراكها بأن التعلق باهداب العرب يعني سحبها الى قاع البحر بسبب مشاكلهم التي لا يبدو بأن لها حلا عاجلا، وما يحركها هو فقط شعورها بواجبها الاسلامي تجاه اخوانها.

فهل نرى خلال الايام المقبلة دورا اكبر لتركيا وتغييرا للمعادلة لصالح العرب والمسلمين؟! هذا ما نرجوه.





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي