د. مبارك عبد الله الذروة / أم الهيمان ... وكرسي القبيلة

تصغير
تكبير
يقولون اكذب... اكذب حتى يصدقك الناس! اكذب فقل لا تلوث في أم الهيمان، اكذب فقل يريدون التثمين، اكذب فقل سنضع الفلاتر وسنغلق المصانع! (طوف عشان تتعدل امورك... وجامل خصوصاً في الأمور الكبيرة). اكذب... اكذب، فالكذب كما يرى الشاعر ابن علوش عند بعضهم متعة! (ولايزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً).

لقد نجح أسوأ سيناريو في تاريخ البرلمان الكويتي حين تم توجيه بوصلة الصراع السياسي الرقابي إلى نواب الأمة (في التحريش بينهم) بعد أن كان نواب الأمة بالفعل (كالبنيان المرصوص) تجاه التجاوزات الحكومية... فهل لا يزال النواب هم نواب الشعب؟

مجلس الأمة انتهى منذ زمن! هو اليوم مجلس استشاري صوفي، كالميت بيد مُغسّله... صدقوني!

الشطارة الحكومية غيرت المضامين المتعلقة في الممارسة النيابية، وتركت الشكل الخارجي واحداً، نجحت الحكومة وحق لها أن تفرح بالنجاح، فقد زرعت في القبة الكئيبة نواباً انفصلوا عن جسد الشعب وروحه. ونجحت في إبراز مسوقين ومحامين لمنتجات الحكومة بلا صلاحية!

بعد عودة الوعي ما الذي سيحدث؟

اعتقد أن عبرات الحكومة الكويتية الحارة بعد حين لن تنتشلها من هذا المستنقع الآسن وجراثيم التكنيك الإنكليزي! ستندم عندما يتأصل مفهوم ثقافي داخل البرلمان يقوم على الضرب تحت الحزام باسم السياسة وطريقة فَرّق تَسُد، ونظرية اللي تكسبه إلعبه!

المهم التغيير بيد الأمة. فهل أدرك الشعب الكويتي حجم اللعبة، وهل عرف فنون التقية السياسية وتصريحات اللون الرمادي، وهل وصل الشارع السياسي إلى مرحلة الوعي والتمييز والبلوغ في اختيار القوي الأمين، هل يشكل أهالي أم الهيمان العلامة الفارقة والرقم الصعب في الانتخابات المقبلة، كم عدد ناخبي ضاحية علي صباح السالم، أين رواد العمل عندهم؟ هل لايزال أهالي أم الهيمان وغيرهم في الدائرة الخامسة تحديداً مؤمنين بكذبة كرسي القبيلة؟ انتهت قضية الاستجواب كما هو متوقع. فمن سيقود القضية الآن؟

هناك طريقان أحدهما هو المسلك القانوني وهو معروف وقد عبر عنه المهندس احمد الشريع رئيس الجنة الشعبية لأهالي أم الهيمان، والطريق الآخر هو السياسي. فهل يتمكن ناخبو أم الهيمان من إقناع ناخبي هذه الدائرة، هل يتمكن ناخبو أم الهيمان من التخلص من وهم (كرسي القبيلة) والانتصار لقضيتهم العادلة، هل يستطيع ناخبو أم الهيمان أن يخرجوا عشرة نواب بالتزامهم أمام صناديق الاقتراع؟

تلوثت القضية البريئة، وأصبح المدافعون عن كارثتهم في نظر المخالفين يريدون تثمين أم الهيمان، تلوثت القضية وكدروها يوم لاكتها ألسنة المستفيد من صراع الكبار والذين لا ينظرون إلى مأساة إخوانهم إلا من طرف خفي، تلوثت القضية عند من يبحث عن دور إعلامي وسياسي برّاق ما يلبث أن يزول عندما يرى احمرار عيون المعازيب!

في كل حدث تنكشف أسماء وتسقط أقنعة، لقد استمرأوا المنكر، بل لقد جعلوا المنكر معروفاً. فهل الدفاع عن حفظ العقل والنفس إلا من كليات الإسلام ومقاصده الحسنة، أم أن الشريعة جاءت بفتك صحة الإنسان وتدميره؟ «ما لكم كيف تحكمون». أي نواب أولئك الذين لا يرون إلا خسائر المصانع ويعمون أعينهم عن خسائر الأرواح، ألا يرون شعبهم المريض يرزح تحت وطأة غازات القتل البطيء صباح مساء! ثم لماذا يقومون بدعم السرية ودس الوقر في آذان المواطنين، لماذا يتم إخفاء الحقائق عنا، هل بات شعبنا ألعوبة بيد من انتخبناهم، وما الحاجة إلى سرية قضية باتت متناولة رسمياً وهي في الأصل ليست من مسائل الأمن الوطني والسيادي، ماذا يتبقى لنا إن أصبحت قضايا الشعب الحساسة يتناولها نوابنا الغائبون عنا؟

اكذب اكذب حتى يصدقك الناس. (وإذا بلاك الله بقول الصراحة... قول الصراحة في الأمور الصغيرة).





د. مبارك عبد الله الذروة

أكاديمي وكاتب كويتي

maltherwa@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي