«الأسطورة» التي وضعت بلغاريا على قمة الشواطئ في العالم (3 من 4)

«غولدن ساندس» ... كنز الذهب الذي أصبح رمالا

تصغير
تكبير
|فارنا - من مصطفى جمعة|

إذا كانت « الاسطورة» بنت الخيال الخصب، وام الحكايات، فان ما حدث من تغيرات عميقة في الشكل والمضمون على شاطئ الرمال الذهبية «غولدن ساندس» في منطقة فارنا العاصمة البلغارية على ساحل البحر الاسود خلال السنوات الاربع الاخيرة جعل هذا المكان يحتل المركز الاول عالميا في استقطاب الاستثمارات والسائحين من انحاء العالم محققا تفوقاً كاسحاً على «نيس وكان والريفير» في فرنسا التي كانت مصايف النجوم والاثرياء من مختلف دول العالم.

هذا المكان «غولدن ساندس» اكد بأن عالمنا المعاصر من الممكن ان يصنع أساطيره أيضاً، حيث صارت صناعة الأسطورة في العصر الحديث عمليا رجوع الفكر العقلاني إلى الحالة الميثولوجية «الأسطورية» ويعرفها بأنها هي الحالة السحرية العميقة التي اثر فيها الانسان على المكان.

3 ايام ونحن في جنة الاسطورة «غولدن ساندس» بدعوة من شركة سفريات رمسيس للسياحة والسفر التي سيطرت على كل الفنادق الفخمة والفيلات الجميلة والشقق الفندقية البديعة، تلك البقعة التي تشابك فيها الخيال الى حد المزج مع الحقائق وتداخلت فيها الوقائع مع الاساطير الى حد الذوبان لكن في النهاية «غولدن ساندس» الاسطورة هي خليط لحالات اقتصادية واجتماعية وتاريخية، وأن لها في الغالب أساسها من الحقيقة والواقع، وإذا كانت تتخذ أشكالاً لا عقلانية فإنها تتوجه نحو مقاصد هي في الصميم مرسومة بقوة العقل ومنطقه.

لقد قالت اسطورة هذا المكان ان قراصنة الـ «ديجيد» وهم من اشهر قطاع طرق البر والبحر في اوروبا الشرقية في روايات الخيال خلال عصور الظلمة دفنوا كنزا ذهبيا ضخما في هذه المنطقة شمال فارنا لكن الأرض انتقمت من هؤلاء المجرمين وحوّلت الذهب الى رمال عجيبة ورائعة.

وها هو نفس المكان الذي اصبح يعرف بمنطقة شاطئ الـ«الغولدن ساندس» بعناصره وملامحه الخيالية ذات الطبيعة الرائعة، بسبب مناخه البديع وحديقته الطبيعية الفريدة ورماله الذهبية الناعمة ذات اللون الكوارتزي والمياه الهادئة النقية التي تبقى دافئة في الليل ومياه ينابيعه الساخنة الصحية اكد ان الأساطير لم تعد تلك الحكاوى القديمة الغارقة في الخيالات والأبطال غير البشريين والأجواء الساحرة.

وبالطبع شتان ما بين الاسطورة والخرافة... فالاولى ترتبط بمكان أو انسان أو حدث، له علاقة بالتاريخ، بينما الخرافة ترتبط أكثر بالخيال الذي ينتج من الشعب ولا علاقة لهذا الخيال بالواقع، كما ترتبط الأسطورة زمنيا بحدث أو فترة تاريخية محدّدة، قد تكون واقعية أو ميتافيزيقية « فوق الطبيعة»، أما الخرافة فتحدث في زمن غير محدّد أو ما يسمى في اللازمن، وترتبط بمكان معين لأنها تتعلّق بالمنطقة الجغرافية التي حدّدها الراوي، أما الخرافة فتحدث في مكان غير محدّد وهي تتعدّى الاقليمية.

والـ «غولدن ساندس» مثلها مثل كل جهات الجمال تنتظر أن تدق أبوابها بيدين ثابتتين, لتفتح لك ذراعيها من اجل الاسترخاء وغسل الهموم وتجميد واجب الأحزان والتمتع بالجمال الممتد من عيون الطبيعة الخلابة حتى عيون النساء.

منتجع الرمال الذهبية هو الأكبر على ساحل البحر الأسود.

وهي بقعة وفيرة في النباتات المورقة ومع العديد من الشجيرات والأشجار أنها تشبه حديقة حقيقية، بها عيون من المياه المعدنية وتتميز بان لها درجة حرارة ثابتة من نحو 27 درجة مئوية.

وهناك عدد من الأحداث الشهيرة، تجري هنا مسابقة ملكة جمال ومستر «الرمال الذهبية» المنافسة، ومسابقات لجميع سلالات الكلاب ورالي السيارات من الطراز القديم، والمهرجان الدولي للرياضات الموحدة ورقصات، الخ.

والتنقل بين الرمال الذهبية ومدينة كبيرة من فارنا منظم تنظيما جيدا... ويملك هذا المنتجع حوالي «108 فنادق» وأكثر من «130» مطعما والمقاهي المتناثرة على هذا الشاطئ المشمس بلون البنفسج ويوجد كذلك مسرح وسينما بالهواء الطلق ومركز تسوق ومحلات حرفية وفنية ومنتجات زراعية، من الأنشطة الرياضية والمسلية هي «التزلج على الماء - المظلات - الطيران الشراعي اليدوي - لعبة الموزة المائية - الإبحار وتأجير اليخوت - زوارق تجديف - دراجات هوائية - ساحات للعب التنس الأرضي - العديد من ملاعب الكرة الطائرة الشواطئية ملعب صغير للعب الغولف - صالة بولنغ» وللأطفال فهناك «بركات سباحة مخصصه للأطفال - ألعاب مائية - روضة للأطفال» وغيرها الكثير.

وتوفر بعض الفنادق رحلات باليخوت منظمة ومرتبة تنطلق بك في رحلتين... الاولى في الساعة الـ «10صباحاً» أما الثانية فتنطلق في الساعة الـ «10.30صباحاً» وتشتمل هذه الرحلات على التوقف في وسط البحر لصيد الأسماك وان أردتم السباحة فلكم ذلك ثم اكمال الرحلة والوصول إلى جزيرة صغيرة لتناول الغداء الساعة «1:30ظهراً» وتغادر السفينة الساعة الـ «2:30 ظهراً» والإبحار وبنفس الذهاب حيث يتم التوقف في وسط البحار للاستمتاع بالسباحة ثم الانتقال إلى محطة الوصول والانتقال بواسطة الحافلات إلى مكان الإقامة.

ولا يفوتك الرحلات إلى جبال رودوبا وطبيعتها الخلابة الجميلة. ويوجد في هذه المنطقة الكثير ما يمكن للسائح التمتع به. هذه الجبال التي حكي عنها الكثير من الحكايات والأساطير، ولها سمة جذابة يصعب تحليلها وفهمها، هذه السمة التي تجعل الناس تتعلق بجمال وسحر هذه المنطقة وتعود إليها باستمرار لتعيد ذكرياتها فيها.

ومن أجمل المناطق في رودوبا هي قراها الأثرية القديمة، حيث تسير الحياة فيها على نمط بداية القرن العشرين، الناس مبتسمون ولطفاء، بينما الطبيعة قد حافظت على جمالها الفريد. بعض هذه الأماكن المأهولة النائية قد بنت على أنقاض القرى التراقية القديمة.

ويشتهر سكان جبال رودوبا بكرمهم وبأمكان الزائر أن يجد دائما بيتا يؤويه، ولكن إذا لم تحب المبيت في هذه البيوت وتفضل الإقامة في الفندق، عليك اختيار المسيرات السياحية المكتظة التي ستؤدي بك إلى الأماكن الأكثر شيوعا، حيث العديد من الفنادق الصغيرة الأنيقة والمريحة. ففي السنوات الأخيرة انتعشت السياحة في هذه المنطقة بشكل غير اعتيادي. فقد تطورت السياحة في مدن مثل سموليان وآردا وشيروكا لوكا وغيلا وسوليشتا وغيرها الكثير من المدن والقرى الرودوبية. ففي هذه المناطق جميعها هناك من يعطي الدراجات الجبلية بالأجرة والتي بواسطتها يمكن المرء أن يجوب المناطق المحيطة الجميلة، التي ترك في التراقيون القدماء آثارهم ومعابدهم. ففي بلدة تريغراد أو في ضواحي مدينة سموليان يوجد كذلك مزارع الخيول من أجل ركوبها والقيام بجولات قصيرة، اما في سبيل القيام برحلات طويلة عبر الممرات والطرق الجبلية الوعرة فقد انتشرت في الآونة الأخيرة سيارات الجيب المخصصة لمثل هذه الرحلات حيث الغابات المعمرة والشلالات الصاخبة. وفي محمية بلدة «ماجاروفو» يتم تنظيم جولات لمشاهدة الأنواع النباتية والحيوانية الفريدة.

ومن الأماكن الشيقة التي تستحق الزيارة، كهف «ياغوديسكا» والكهف القريب منه، كهف «عنق الشيطان» حيث يكتشف المرء عالم الأعماق في جبال رودوبا. كما وتشتهر في هذه المنطقة الينابيع المعدنية المفيدة لعلاج أمراض كثيرة، حيث استخدمها لهذه الغاية الرومانيون القدماء. ولهذا السبب أقيم في هذه المنطقة العديد من الفنادق الراقية المخصصة للمعالجة بالمياه المعدنية.

ولبحيرة رابيشا في مدينة بيلوغرادتشيك أيضا وحشها السري الغريب يوجد لوحش نيسي الأسطوري، الذي يسكن بحيرة لوخ نس الاسكوتلاندية، نظيره البلغاري- هذا ما يؤكده سكان قرية رابيشا في شمال بلغاريا. وحسب ما يعتقدونه سكان هذه القرية، يعيش في الأعماق السحيقة للبحيرة القريبة مخلوق غريب ذو أبعاد عجيبة، من المحتمل أنه يعود إلى مخلوقات عصور ما قبل التاريخ. ويوجد هذا الحوض المائي في منطقة صخور بيلوغرادتشيك، التي تعتبر بحد ذاتها ظاهرة فريدة يلتف حولها الكثير من الأسرار والأساطير.

ظلال بحجم غواصة، تختبئ في أعماق البحيرة وتخرج فجأة على سطح الماء ويصدر أنينا غريبا شبه حيواني وشبه إنساني، هذا المشهد وغيرها من الظواهر الغريبة يتأتى لخيال الصيادين من القرى المحيطة ببحيرة رابيشا. بعضهم يؤكد ويحلف بأنه رأى هذا المخلوق الغريب «وجها لوجه».

ومن الممتع بأن مسكن هذا المخلوق العجيب يعتبر من أقدم وأكبر البحيرات التكتونية، التي تشكلت نتيجة زلزال أرضي كبير حصل في هذه المنطقة. ويعتقد العلماء، إلى أن الحوض المائي بالإضافة إلى مغارة «ماغورا» القريبة كانت في فترة من الفترات قاع بحر دافئ. أي أن المياه المتجمعة فيه لا تتسرب بشكل طبيعي نحو السهول والوديان القريبة. هذه البيئة المناسبة، حسب بعضهم، قد يؤمن للمخلوق الغريب ما يحتاجه للبقاء على قيد الحياة بمعزل عن العالم. ويتراوح عمر هذه البحيرة بين 3.5 - 4 ملايين سنة، وهي تقريبا بعمر بحيرة لوخ نس الأسكوتلاندية يؤكد عمدة بلدية بيلوغرادتشيك إيميل تساتكوف ويضيف:

تعمل وكالات السياحة والسفر في بلغاريا على جذب السياح، عن طريق الغموض الذي يلف بحيرة رابيشا. ففي هذا الصيف ستقام عروض فنية ممتعة على ضفاف البحيرة وسيشارك فيها العديد من الممثلين المحليين. كما يتم توجيه الأنظار إلى مغارة «ماغورا» إحدى أكبر الكهوف في بلغاريا والتي تشتهر بداية برسوماتها الجدارية الفريدة والتي تعود إلى أكثر من ثمانية آلاف سنة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي