تدرك أن الهدوء... مدخلها إلى التعب

حوار / كاتيا يمين: لولا القصيدة لما عرفت طعم الهناء ومعنى الصمود في الحياة

u0643u0627u062au064au0627 u064au0645u064au0646
كاتيا يمين
تصغير
تكبير
|بيروت - من اسماعيل فقيه|

تكتب الشاعرة والاعلامية كاتيا يمين قصيدة هادئة جداً، وتعرف ان هذا الهدوء مدخلها الى التعب. تقول «القصيدة هي عنوان حياتي» فهي دائماً قلقة وصوت حروفها يعلو، خصوصاً حين ترى نفسها في مرآة الحياة ومرآة الواقع والانسان. وثمة تفاصيل اخرى تتحرك داخل حياتها وتجعلها تعيش لحظات الامل والعذاب معاً، فماذا تقول الشاعرة لـ «الراي» عن قصائدها وعذاباتها وعاطفتها؟



• نبدأ بسؤال القصيدة التي تكتبينها، ماذا فيها اليوم؟

ـ القصيدة التي اكتبها او التي كتبتها او سأكتبها نابعة من الروح، من قلب اللحظة التي تكوّن حياتي. وفي تفاصيل هذه القصيدة وداخل مساحاتها الواسعة وكلماتها وحروفها تعيش ايامي المليئة بكل ألوان الحياة. والحياة التي تتكدس في حياتي هي الصورة الواسعة، التي لا تكتمل الا باكتمال الزمن المفاجئ الذي يمتد على ساحل اقامتي. ان القصيدة التي لا تقدم الي خبر وجودي لا اعترف بها، ولا اظن انني قادرة على مجاراتها.

• ما اسس القصيدة التي تكوّن حياتك، هل انت انسانة معذبة ام سعيدة؟

- انا بكل بساطة انسانة تعيش داخل ذاتها، وحين اتفحص ذاتي جيداً، اتلمس الغربة والعاطفة في آن واحد. اشعر بانني اعيش الغربة القاسية والقاتلة والصعبة، كما اشعر بقوة العاطفة التي تجتاحني وتحولني حنانا كبيرا، صفاء كلّيا يساهم في بلورة الروح والقلب. الغربة والعاطفة هما المسار الثابت الذي تتأسس عليه قصيدتي، وما زلت اسير في هذه المسافة الشاقة والطويلة.

• ماذا تقصدين بالعاطفة؟

- العاطفة هي النبض الصادق في القلب والروح الذي يفتح شهيتي على الحياة. انها عاطفة ترسم افق حياتي وتجعلها تسير وفق خط مستقيم وناجح يساهم في بناء الوعي الذي يقود الى الامل. قد تكون هذه العاطفة نابعة من الآخر وقد تكون مغروسة ومتأصلة في اعماق ذاتي، المهم انها عاطفة تدوزن زمني وتعطيه ما يحتاج اليه من دعم كي يستمر، كي لا يسقط في المتاهة الصعبة وكي لا يسقط في مناخ البرد القارس والحر الحارق.

• كأنك تتحدثين عن الحب في حياتك؟

- العاطفة هي الكائن المحسوس الذي يعطيني الحب، ويعطيني الامل بغد مشرق ويعطيني ما اريد من الطاقة كي اتواصل مع نفسي والآخر والمكان والزمان. واذا كان كل هذا الشعور ينطبق على مفهوم الحب، فإنني اقول: انا الحب بكل ما يعني وانا الحنان الذي يفتح سيرة الحب في كل لحظة. ربما يكون الحب هو كل هذا، واذا كان كذلك فأنا من يساهم في بلورة صورة هذا الحب عبر العاطفة التي تمتلكني وامتلكها، العاطفة التي ترسمني بكل ألوانها.

• والغربة التي تحاصرك كيف تفسرين حضورها في حياتك؟

ـ الغربة التي اعيشها هي غربة مفتوحة على شتى اشكال العذاب والتعب، وأكثر ما يجعلني قلقة هو هذا الغياب الذي يحاصرني ويقدّم الي ما لا اريد وما لا اشتهي من حسرات. يكفي انني اعيش في اللحظة الصعبة التي تتكاثر فيها الصور الناطقة الغش والاحتيال، ويا للاسف فان الانسان يساهم في ترسيخ هذا الغش وهذا الاحتيال، الامر الذي يجعلني ابتعد، وأخرج الى مساحتي الخاصة، وانكفئ كي ارى تلك الغيوم السوداء في مساحة عمري. أليس هذا ما يجعل غربتي قاسية؟

• وما دور قصيدتك في هذا المجال، كيف تواجهين بها هذه الغربة؟

- لولا القصيدة لما عرفت طعم الهناء ومعنى الصمود في الحياة. لقد ساهمت قصيدتي في حمايتي من كل هذا العذاب، دخلت تفاصيلها المرة والحلوة، قطفت منها ما يساهم في بناء الثقة والامل، وكنت معها الانسانة الوارفة على الزمن الجميل والرائع. انها قصيدة تحمي، صافية، أرى فيها كل ما من شأنه تخفيف العذاب وتحويله صورة مشرقة. نعم، لقد كانت قصيدتي منقذتي، وهي التي بنت لي سداً منيعاً لصدّ العذاب والتعب، ودائماً اشكرها.

• ماذا تكتبين اليوم وكيف تعيشين زمنك الحالي؟

- ما اكتبه اليوم هو كل ما يجيش في ذاتي، كل ما يساهم في فتح ثغرة للنور في جدار اليأس الذي ينتصب في الارجاء وفي المساحات الواسعة. ما زالت قصيدتي على وعدها، تسير وسط المخاطر وتغامر وتقاتل وتستهدف الامل. الحياة صعبة اليوم وربما قاسية جداً وربما قاتلة، ولولا القصيدة التي احتمي داخلها، لكنت في عالم آخر، في زمن مختلف وصعب.

انني اعيش اليوم مع ذاتي ومع الآخرين، وأسعى الى التفاعل بين الخاص والعام كي تتحقق الصورة المرجوة، وهي صورة تعكس الحضور في الزمن الطيب والجميل.

• كيف توظفين نشاطك الاعلامي داخل قصيدتك وهل تؤدي القصيدة دوراً في حياتك الاعلامية؟

- طبعا هناك تداخل مفيد في هذا التنوع او هذا التجانس بين العمل الاعلامي وكتابة القصيدة. من الطبيعي جداً ان يكون الاعلام الذي امارسه مدخلاً للكتابة والعكس ايضاً هو الصحيح. ولا اخفي ان القصيدة ساهمت في ايصالي الى هذا العمل خلف بميكرو الاذاعة وفي الشاشة الصغيرة. أعتقد ان القصيدة هي اكثر نضجاً حين تولد في ظرف كهذا اي في المساحة الاعلامية.

• وما دور الشعر في مسيرتك الاعلامية وكيف يحضر حين تظهرين على الهواء المرئي او المسموع؟

- لا شك انني حين اكون في مرحلة البث المباشر في الاذاعة اللبنانية، استحضر القصيدة دائماً وربما هي التي تستحضرني وتجعلني اتحدث بطلاقة وعلى الهواء مباشرة، والامر نفسه كان يحدث معي في الشاشة حين كنت اقدّم برنامجي في «تلفزيون لبنان». تنجح القصيدة دائماً في ايصال المعنى الدفين للآخر ويمكن عبرها وصف كل شيء بلغة اقل ومعنى اوسع.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي