الدكتور وليد العوضي أحد رجال الكويت ممن كان على متن أسطول الحرية الإنساني، لم أعلم أنه من الذاهبين إلى هناك مع أنه عضو رابطة أعضاء هيئة التدريس في التعليم التطبيقي فهو زميل مهنة، وأعلم منذ زمن بعيد أن له ثلاثة أبناء معاقين حركياً وأذكياء عقلياً والدكتور وليد يصطحبهم معه في كل مناسبة تراه معهم في معرض الكتاب ومناسبات الأعياد والمحاضرات العامة... فهناك تقبل للواقع وتكيف ورضى وتوافق نفسي. الدكتور وليد أصيب بطلق مطاطي في فخذه من الكوماندوس الإسرائيلي. وقد طلبت منه ونحن على الهواء مباشرة في قناة «الراي» سهرة الخميس الماضي مع رفاقه في برنامج «لقاء الراي» الذي يعده ويقدمه بمهارة الزميل عبدالله بوفتين. طلبت منه ان يذكّر المشاهدين بأنه كان معهم قرابة (500) كرسي مُدولب لأبناء غزة المعاقين. لماذا هذا الطلب بالذات مع أن حاجات المحاصرين في غزة عديدة؟ لأني ادرك بأن المعايشة للآلاف والمآسي ليس كسماعها، والدكتور يعايش ثلاثة معاقين فهو أدرى من غيره بهمومهم لذا قرر الذهاب بنفسه وبتشجيع من أولاده لنصرة أهل غزة ولنصرة المنكوبين بمن فيهم المعاقون، هذه القصة الإنسانية وهذا الموقف البطولي ما كان ليعرف لولا وقوع الحدث الذي لاتزال أصداؤه بأبعادها الكثيرة الظاهر والكامنة تتفجر في صالح أهل غزة والقضية. وعندما تكلم من تكلم في خصوصيات الناس وانتشر القيل والقال كتب أصغر أبناء الدكتور وليد (يوسف) رسالة للجميع وهي على بساطتها درس لكل متخاذل أو شامت أو ميت الضمير، تحت عنوان «أسطول الحرية يوضح لنا معنى القوة الحقيقية» كتب يوسف يقول: «بهذا لا أعني القوة البدنية أو القوة العقلية ولكنني أعني بأعظم قوة وهي قوة الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم. أنا أصغر أولاد الدكتور وليد العوضي ويقال انني معاق ولكنني لست معاقا لأن المعاق الوحيد هو المجنون».
قال لي أبي يوماً انه ذاهب إلى غزة للتبرع، فما حزنت ولا غضبت ولكنني شعرت بالفخر والسعادة له لأن تلك هي القوة الحقيقية، من يتصف بها لا يخاف من شيء ما دام على الحق ما دام يرضي الله، فقد قال تعالى: «إنما المؤمنون إخوة». أنا لا أرضى بالعدوان الذي يحصل في فلسطين فإنني تمنيت لوكنت مع أبي لمساعدة المحاصرين في غزة ولم أكن أتمنى أن أبي جالس معي في البيت، ما بكيت ولا خفت عليه لأن لو أصابه ضرر أو حتى الموت فإنه شهيد وذلك أفضل نهاية يتمناها كل مسلم صادق بإيمانه، قال تعالى: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليماً حكيما). جنود الله هم الذين يدافعون عن الدين ونصرة الحق. قال تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم). كيف تريدون أن تكونوا مع رسول الله وأكثر الناس الذين يعلمون ماذا يحصل في غزة يحاولون أن ينسوهم ويسيروا في الحياة كأن الفلسطينيين ليسوا إخواننا.
ركاب أسطول الحرية أبطال وجند من جنود الله وقدوة لنا في قوتهم وشجاعتهم، فكان هدفهم ليس للشهرة ولكن لفك الحصار ومساعد إخواننا الفلسطينيين.
يوسف وليد العوضي> أقول: ليتنا نربي أولادنا على التعاطف مع المجروحين وتنمية مساعي التراحم مع الجنس الإنساني بدلاً من نبرات تكرس الحقد في النفوس... هذه رسالة لابن يقال انه معاق بدنياً ولكن كم من أب وأم يخاف أن يسافر ليس لأن أبناءه معاقون بدنياً وإنما لأنهم معاقون أخلاقياً وفكرياً وسلوكياً لا يسلم منهم جار ولا قريب بل ولا أحد الوالدين، وأخيراً أنا أتفهم ان ينتقد اسطول الحرية البعض لأن المسألة قناعات وتقديرات وآراء تتباين وهذا أمر طبيعي، ولكن الذي ليس طبيعياً ويعد جنوناً خالصاً وإعاقة عقلية كاملة أن يفرح البعض ويصرح بصوته العالي ويتمنى ألا تصل المعونات لأهل غزة!!
محمد العوضي