نادين البدير / هيلة القصير

تصغير
تكبير
| نادين البدير* |

آخر خبر مثير نشر عن تنظيم القاعدة كان الإمساك بأخطر امرأة تنتمي للتنظيم في السعودية، اسمها هيلة القصير. المرأة التي اختفت عن أهلها لأشهر أمضتها في التنقل بين مزارع القصيم، كانت تقوم بأدوار لوجستية إذ جندت ودعمت أعضاء الخلايا بالمال وأوت المطلوبين، كما جمعت التبرعات وحرضت النسوة في الأسواق على الانضمام للقاعدة.

استعانة قوية من قبل التنظيم بالمرأة ومنحها دورا بارزا فيه لحد تسميتها من قبل السلطات السعودية بأخطر امرأة تنتمي للقاعدة في السعودية. واعتراف لافت من قبل القاعدة بمشاركة المرأة في العمليات، وهو التنظيم الذي يتبع آراء متطرفة من ضمنها تكفير مشاركة المرأة السياسية. ثورة في تاريخ التطرف أم استغلال معتاد لوسيلة اسمها المرأة؟

لا أود أن أبدو وكأني أنظر للموضوع من ناحية أنثوية ومسألة مشاركة نسوية، فالذي حدث سيان إن كان مقترفه رجل أو امرأة، ولو كنا نعيش في بلد آخر لكنا حللنا التهم الموجهة ضد هيلة مثلها مثل أي رجل ينتمي للتنظيم، لكن الأمر مختلف هنا حيث النساء لم يقدن السيارات بعد، ولم يتحررن من ولي الأمر ولا زلن يستأذن بشكل رسمي في كل صغيرة وكبيرة. أعداد المشاركات في الحقل الاقتصادي تفوق بقية المجالات بسبب الثروات التي تمتلكها النساء، القلة تشارك في الحقل الاجتماعي والندرة تشارك في المجال القانوني أما في الحياة السياسية والعسكرية فعدد المشاركات صفر. وفجأة خبر يقول: امرأة تشارك بأدوار إرهابية بل وتمسك بزمام التصرف. بلد تحدث به العجائب.

لكن ما حدث كان استغلالا للمرأة مثلما استغلت ملابسها فتم التخفي داخل عباءتها وخلف نقابها لتسهيل تنقل أفراد القاعدة.

ما حدث يشبه استغلال التيارات والأحزاب الإسلامية للنساء أثناء الانتخابات البرلمانية والبلدية وغيرها. رغم الفارق الكلي بالطبع مع الأهداف والخطط وطرق التعبير وقانونية الأنظمة الحزبية الإسلامية في الدول العربية، مرت فترة لم تكن التنظيمات والأحزاب الإسلامية تعترف بدور المرأة كشريك في العملية السياسية. وبعد تحليل ودراسة وعدد من الهزائم، فكر الإسلاميون وقرروا إدخال المرأة للعملية السياسية كناخبة فقط، يعلمون أنهم سيفوزون بصوتها لأنهم نجحوا في الوصول إليها بالتخويف والترهيب وإقناعها أنهم ممسكون بمفاتيح الجنة، وهي المضطهدة التي تعاني الكآبة ومشاكل الحياة اليومية العائلية والاقتصادية والباحثة دائماً عن المخلص. صوتت لهم المرأة وأوصلتهم للبرلمان. كانت خطة في غاية الإحكام.

وحين نجحت المرأة في الحصول على حقها بالترشح وليس فقط التصويت، عزفت غالبية الأحزاب الإسلامية عن تقديم مرشحات نساء. ولا نجد أسماء نسائية مدرجة على اللوائح الانتخابية للأحزاب الإسلامية إلا في ما ندر. أعتقد أن جمعية الوفاق في البحرين سترشح امرأة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

لكن يبقى الأمر محدوداً جداً وفي إطار ضيق، أتحدث هنا عن الوضع في العالم العربي عموماً. قمة الاستغلال لمشاركة المرأة في الحياة السياسية، وكأنها منحت الحق لأجل أن تدعم فوز الرجال بكراسي البرلمان.

القاعدة فعلت ذات الشيء. القاعدة ترى أن الاختلاط من الموبقات، وتحمل فكراً ينظر للمرأة نظرة طالبانية تود لو ترتدي النساء قلنسوات وأزياء من حديد ومعادن كي لا يظهر منهن شيء. ثم تلجأ للاستعانة بهن وبملابسهن.

هيلة أكبر دليل على قدرة المرأة على تخطي عقبات الأنوثة الرقيقة المزعومة، لكنها مع الأسف قدرة مشوهة ودليل غير صالح للاستعانة به أو الاستشهاد فيه. دليل لا يجدي نفعاً، إذ حين أعلنت المرأة الثورة على نعومتها وعزلتها وانعكافها في جحرها جاء ذلك لصالح الجماعات المتطرفة التي تستنكر وجود المرأة في الحياة وتحارب انخراطها في العمل واختلاطها بالرجال، ولولا أن الضرورات تبيح المحظورات ولولا الهدف الكبير والحاجة القوية ما تم اللجوء لكائنات اسمها النساء.

متى تستيقظ الأنثى وتقوم بواجبها تجاه نفسها؟ متى تتوقف عن قبول الأدوار الباهتة؟ متى تتوقف عن تحويل ذاتها لوسيلة فقط. لصوت انتخابي. لجسد. لمتعة. لبندقية. لقنبلة ولأشياء أخرى كثيرة؟





* كاتبة وإعلامية سعودية

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي