وليد الرجيب / أصبوحة / المناورة والموقف

تصغير
تكبير
اثناء حرب أكتوبر 1973م قام الملك فيصل بن عبد العزيز طيب الله ثراه بإيقاف تدفق النفط إلى أوروبا وأميركا، رداً على دعم هذه الدول لإسرائيل وعلى الجسر الجوي الأميركي، لتزويد إسرائيل بالسلاح وهذا الموقف أوقع الغرب في أزمة طاقة غير مسبوقة تاريخياً، ما دفع الرئيس الأميركي نيكسون إلى أول زيارة له للشرق الأوسط والتقاه الملك فيصل في مطار جدة، وسأل نيكسون فيصل بلغة متعالية، مشوبة بالتهديد: «ألا تخشى من ضرب منابع النفط لديكم»،؟ رد الملك فيصل مشيراً إلى وعاء يحتوي على التمر، وآخر به لبن قائلاً: «عاش أجدادي على هذا، وليس لدينا مانع من العودة إليه»، ثم زار بعدها كيسنجر الملك فيصل يدعوه إلى إعادة تدفق النفط، فطلب الملك فيصل منه مفاتيح القدس، لأنه ينوي صلاة عيد الأضحى في بيت المقدس.

صرح وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو، والذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنيمة الإسلامي الحاكم يوم 2 يونيو الجاري، عقب الجريمة الإسرائيلية البشعة واللاإنسانية ضد أسطول الحرية والتي استشهد فيها عدد من المواطنين الأتراك، صرح بأنه «حان الوقت لأن يحل الهدوء محل الغضب».

وكانت تركيا قد ألغت موقتاً، ثلاث مناورات إسرائيلية - تركية، كان مقرراً القيام بها قريباً، هذا وتشترك تركيا منذ سنوات بمناورات عسكرية أميركية إسرائيلية - تركية، خاصة بعد توقيعها اتفاقاً للتعاون العسكري مع إسرائيل عام 1996م.

ويقول وزير الخارجية التركية أوغلو عقب توليه حقيبة الوزارة في مايو 2009م، لصحيفة الجزيرة نت في 2 مايو 2009: «ان بلاده تدعو لأن تتولى دوراً يرسي النظام، ويحسن الأمن من أرمينيا إلى العراق وإيران، وإن علاقة أنقرة مع الغرب ستستمر محوراً رئيسياً للسياسة الخارجية».

والتساؤل الآن، لمن توجه هذه المناورات مع العدو الصهيوني؟ فمن الواضح أن مصالح الحزب التركي الحاكم تتناقض مع مصالح الشعب التركي المسلم، فالحزب الحاكم يلهث وراء الرضا الأميركي الإسرائيلي من أجل نفوذ «عثماني» من البلقان وحتى العراق، وهو يرفض أن تأخذ إسرائيل الحصة الأكبر من «الكيكة»، وهو يعرف أن الطريق إلى النفوذ هو برضاء أميركا عنه، وخاصة أنه ما زال يسعى دون فائدة للدخول في دول الاتحاد الأوروبي.

والتساؤل الآخر هو، ما الأكثر فاعلية وتأثيراً، موقف الملك فيصل أم بيانات الشجب العربية ومناورات عسكرية تركية - إسرائيلية؟

* * *

تحل غداً الذكرى الثالثة والأربعون لنكسة حزيران عام 1967م، وهي المثال الفاضح على ضعف الأنظمة العربية والتي تلتها حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر التي كسرت الأسطورة الإسرائيلية.

ومع ذلك لن ننسى سجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم.





وليد الرجيب

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي