من وحي الشارع / خليفة القطان... وزمن التواضع الجميل

تصغير
تكبير
| ثريا البقصمي | الفنان التشكيلي الراحل خليفة القطان «أبو جليلة»، كان مثالا رائعا للتواضع والصدق والوفاء لزملائه الفنانين، ولقد استحق بجدارة لقب الريادة عندما تولى رئاسة الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية وذلك في عام 1969، ولمدة أربع سنوات حولها إلى

جنة تشكيلية كانت بيت الفنانين، احتوتهم واحتضنت موهـبتهم.

وفي تلك السنوات كنت ما زلت طالبة في المرحلة الثانوية، فتحت لي أبواب الجمعية، منحت عضويتها، شاركت في معارضها،

بل حصدت بعض الجوائز ومثلت الجمعية في معارض خارجــية.

ولقد لمست تواضع «أبو جليلة» عندما شاركت معه في مهرجان «الشبيبة» العالمي ببرلين عام 1973، وما زالت صورة خليفة طازجة في ذاكرتي وهو يجلس تحت الساعة العملاقة في ساحة «ألكسندر بلاتس» يتلثم «بغترته» ويوقع على قبعات وقمصان و«تي شيرت» المشاركين باللغة العربية، ويزخرفها برسوماته المميزة.

كان مرحه الطاغي وحبه للحياة وللآخرين من أبرز سمات شخصيته الشعبية المقربة من قلوب أصدقائه ومحبيه.

وفي لوحات الفنان خليفة، كان هناك عالم مغاير ممزوج بالفطرة والصدق، كما يتحدث يرسم، لم يرتد الأقنعة، لم يطمع في سلطة أو كرسي، ولهذا ومن باب الرغبة في منح الفرصة للآخرين، لم يجدد فترة رئاسته للجمعية، ولم يرفع شعار رئيس مدى الحياة، والتي يعشقها العرب، بداية برئيس جمعية تعاونية وانتهاءً برؤساء حكومات ودول.

كان تواضع «خليفة» مثالا يحتذى به، ولقد رأيت بعض منحوتاته عندما زرت مرسمه المنزلي، وأثنيت عليها، وتمنيت أن يعرض بعضها وأن يمنح فن النحت وقتا أكبر.

« أبو جليلة» لم يكرم في حياته، وبعد وفاته أقيم معرض يتيم باسمه، وجائزة ظهرت ثم اختفت، ولكن تكريمه ظل في قلوب محبيه وأصدقائه وزوجته الفنانة «ليديا» التي دأبت على توثيق سيرته في كتب ومقالات، لقد أحبت فنه، وكانت خير رفيقة درب.

ذكرى «أبوجليلة» تبزغ وسط خضم مشاغل الحياة، فهو فنان لن يتكرر، وإنسان له مدرسة في تعلم حب الآخرين، والوفاء للأصدقاء الذين كلما تذكروه، كرروا عبارة « الله يرحمه كان خوش رجال وفنان».

 

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي