قبل أسبوعين شاركت في الندوة التي عقدتها جمعية الحقوق الاساسية للانسان مع مركز الجزيرة للدراسات حول «الحرية الاعلامية في دول الخليج العربي»، وقد اشاد المشاركون من دول عربية وخليجية عدة بالكويت التي تعتبر الاولى على مستوى الخليج في حرية الاعلام، وأشدت أنا في ورقتي
بالتطورات الايجابية التي خطتها الكويت في مجال الانفتاح الاعلامي وقارنتها بعام 86 حيث كُممت الأفواه وأسكتت الأقلام.
بالطبع فنحن ندرك بأن الحرية لا يمكن ان تكون مطلقة وان هنالك حدودا يجب ألا تتخطاها وإلا تحولت الى فوضى، ولكن حتى هذه الحدود قابلة للنقاش وإعادة النظر فيها، وعندما أرى سجين رأي في بلادي أشعر بالحزن الشديد، فما دام هذا الرأي لا يمثل تهديدا لأمن البلاد ولا يمثل عملا منظما لزعزعة الاستقرار فلماذا نصر على سجنه وإذلاله؟
قد يقول قائل بأنه قد يفسد آراء وأفكار الآخرين، فأقول: اذا كان ما يقوله باطلا فيكفي الرد عليه وتفنيد حججه، وإن كان ما يقوله حقا فإن سجنه هو اسهل طريق لإيصال أفكاره الى الآخرين وإقناعهم بها.
ان حجم الانفتاح في العالم اليوم يستحيل معه حجب أي رأي او فكر من ان يصل الى الناس لا سيما في الكويت التي يتحدث اهلها في كل شيء وينفتحون على كل شيء، دعونا نسأل عمن أثار فتنة أهل الداخل وأهل الخارج، ولعب بمشاعر الناس في فضائيته وثارت ثائرة نواب القبائل عليه واستجوبوا وزير الاعلام بشأنه، ثم ماذا؟ ما زال هذا المفتون يبث سمومه ويتحدى الجميع ويتحول الى الأقمار الاصطناعية الخارجية لتحقيق أهدافه، بل أثنى على جهوده كبير المراجع الشيعية ووعد بإيصاله الى كرسي البرلمان.
أنا لا أطالب بكسر هيبة القانون والسماح للعابثين بأمنه ليتحركوا كما يريدون ولكني أقول: يجب إلغاء عقوبة السجن على أصحاب الرأي ما لم يتحول رأيهم الى بندقية تقتل أو قنبلة تنفجر أو تخابر مع أعداء البلد وتخطيط لتقويض أمنه، ولدينا اليوم ما يكفي من ملفات الشبكات الأجنبية التجسسية والمتآمرين على الامن فهم الخطر الحقيقي الذي يجب ان نحذر منه لا ممن يوجهون لنا النصح حتى وان قسوا في نصحهم وتجاوزوا الأدب.
الفارس لم يترجل
ليس من السهل الحديث عن رمز من أكبر رموز العمل الخيري في الكويت كرسّ وقته وجهده في عمل الخير وقاد واحدة من اكبر الجمعيات الاسلامية في الكويت قيادة حكيمة لربع قرن من الزمان حتى جعلها منارة في سماء الكويت.
انه الشيخ يوسف الحجي - حفظه الله - الذي أعطى العمل الخيري في الكويت بعدا آخر وسمعة لا يشق لها غبار بصبره وتفانيه وحكمته وقيادته للهيئة الخيرية الاسلامية العالمية أحسن قيادة، جزاه الله خير الجزاء. نتمنى من الذين يعملون في مجال الدعوة الاسلامية والعمل الخيري ان يتأسوا بسيرة هذا الرجل الفاضل وأن يعلموا بأن الاخلاص هو
المطلوب في عصرنا هذا لا ان يتراكض الدعاة وراء المناصب والوجاهة.
ان الشيخ يوسف الحجي وإن كان قد ترك ادارة الهيئة الخيرية لكنه فارس لم يترجل وإنما نتمنى ان يكون له دور اكبر في تقديم المشورة والتوجيه للعمل الاسلامي الذي هو بأمس الحاجة لمثل تلك الشخصيات الكبيرة في زمن الفتن.
د. وائل الحساوي
[email protected]