أكتب لكم هذا المقال وأنا أحتسي الكابتشينو، بعد أن قضيت ساعتين أو تزيد من اللعب والمرح والتزلج داخل الحديقة الثلجية في (سكي دبي)، تلك الساعتان كانتا كفيلتين بأن تنسياني أني مواطن كويتي، تستمتع حكومة بلده بالجلوس على مدرجات المتفرجين في غالب الأحوال عند أي أزمة تمر بها البلاد، وكأن المعني بإدارة الكويت والمهيمن على مصالحها عمدة بلدية إحدى القرى في وسط أفريقيا، فإذا ما لوّح أحدهم بالاستجواب (والعياذ بالله من المؤزمين)، فالأمر يتغير وقتها، وتكون الاستجابة سريعة، كسرعة تنفيذ أوامر عمل تغيير بلاط الشوارع ذي اللون الأحمر، دون غيرها من المشاريع الحيوية.
عشت ساعتين تقريباً تحت الصفر بثلاث درجات مئوية، نسيت معها أني من بلد يراه مواطنو الخليج العربي، نعم الخليج العربي حسبما درسنا في كتب الاجتماعيات في الأيام الخوالي، لا كما يقول سفيرنا في إيران أنه لا فرق في التسمية بين الخليج العربي والخليج الفارسي، حسبي الله على تصريح سفيرنا في إيران جذبني بعيداً عن الموضوع! أقول... نسيت أني من بلد يراه مواطنو الخليج العربي يعيش هذه الأيام حالة احتقان داخلي، وتشتعل فيه فتنة أهلية تكاد تعصف بين الداخل والخارج، والسنة والشيعة، ومشجعي ناديي «الكويت» و«القادسية»، والمزدوجين وغير المزدوجين، مع أن الأخيرة من الصعب تحديدها، ولكن يصر بعضهم إلا توجيه أصابع الاتهام لفئة دون أخرى نفخاً في النار، وإيقاداً لفتنة يراد لها أن تأكل الأخضر واليابس، نعوذ بالله منهم.
المهم... أني استمتعت مع الأبناء آخر استمتاع، وانبسطت آخر انبساط، رغم إصابتي ببعض الرضوض الخفيفة بحكم السن، والسن لها أحكام كما يقولون، فالشيب يأمر وينهي، ولكن من يسمع له وينصت، كما تقاذفت معهم بكرات الثلج، فأصبتهم مرة وأصابوني مرات، ورأيت هناك كرة شفافة ضخمة تلخص الوضع لدينا في الكويت، هذه الكرة يدخل بها اللاعبون، لتتدحرج بهم من أعلى المنحدر الثلجي لأسفله، أي من القمة إلى القاع، بسرعة رهيبة، فترى من بداخلها يتقلبون، تارة يكونون في الأعلى، وأخرى يكونون في الأسفل.
ورغم أني أزور دبي كثيراً، فانها المرة الأولى التي أركب بها المترو، حيث انطلقت من محطة ديرة سيتي سنتر إلى مول الإمارات، مررت خلال الرحلة على كثير من المعالم العمرانية، تشبه تماماً ما يمكنك أن تراه وأنت مقبل من الجهراء باتجاه المسيلة على الدائري السادس... سبحان الله الخالق الناطق، لترى على يمينك السور العظيم لجامعة صباح السالم، الذي يسبق مستعمرة البنغال والعمالة السائبة، وعلى يسارك استاد جابر، وهو يعتبر تحفة معمارية غير قابلة للمس، أي للفرجة فقط، ثم تمر برحلتك على منطقة الزهراء التي يقبع خلفها سور مستشفى جابر شاهداً على مدى التردد الحكومي في تنفيذ مشاريع التنمية، لتنتهي بك الرحلة على مشارف محطة مشرف المنكوبة! أعانك الله يا شيخ أحمد الفهد.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
[email protected]