سألني أحد الزملاء عن النمط القيادي المطلوب توافره كي تتحول الدولة إلى مركز مالي واقتصادي؟ والإجابة عن هذا السؤال لم تتبلور ملامحها بعد، ولكنني وعدته ومن حضر «جلسة النقاش الودية» أن أبسط بعض ما توصلنا إليه في هذا الصدد حسب إجابة الرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات الكويتية.
معظم من تمت مقابلتهم، يؤكدون حالة «الفوضى» التشريعية التي تعيشها الكويت وهي على النموذج المصغر كمؤسسة تعتبر صحية لأنها، أي حالة الفوضى، تبين نقاط الضعف التي تعاني منها وبالتالي تساعد أصحاب القرار في اتخاذ القرارات التصحيحية، ولكن على مستوى الدولة تعتبر خطرة لأن القطاع العام يفتقر إلى القيادة السليمة، حيث ان طريقة الاختيار للمنصب القيادي لا تخضع لمعيار الكفاءة فهي إما من خلال المحاصصة، أو «إذنك خشمك»، والوضع الحالي نتاج تراكمات هذه السياسة التي ركنت القيادي الكفاءة وأبرزت من هم دون ذلك!
والقانون حتى وإن كان جيداً في المضمون فإنه يطبق بشكل اختياري وهو ما جعل الجميع يشعر بأن القانون منتهك ما أظهر مصطلح قوة النفوذ التي تجير كل الأمور لصالحها، والقياس مفقود، والرقابة معدومة، ولنا في مسائل فنية بحتة كقضية تلوث أم الهيمان على سبيل المثال دليل مادي على التخبط والتسييس!
إننا نرى بأن الكويت في حاجة إلى نمط القيادة التحولية Transformational Leadership فهي ذات آثار جيدة وصعب توافرها في ظل الظروف الراهنة بعد حكاية الكوادر والخصخصة، ورغبة الحكومة في التحول دون أن تبدأ في تعديل القوانين القائمة وتطبيقها، ناهيك عن التداخل والتجاذب بين نواب مجلس الأمة أنفسهم حول القوانين، وبينهم وبين الحكومة من الجانب الآخر، والخاسر هو الكويت!
أحد القياديين طرح نموذج قطر القيادي الشاب الذي حول البلد وسن القوانين لتواكب هدف الدولة في التحول، بينما نحن هنا نجد القياديين، حتى مع ثبات فشلهم في التطبيق، قبل البحث عن لمساتهم في التطوير، فهم لا يتركون المنصب إلا بعد صدور شهادة الوفاة، أو الإحالة للتقاعد، أو...، يعني الثبات في المنصب قدر المستطاع، وترك فرص الترقي للكفاءات الشابة حبيسة نمطهم المستتر المتشبث بالمنصب إلى أجل غير مسمى!
لو يعلم القائمون على مواردنا الطبيعية أن الاستفادة من الفوائض في الميزانية يجب أن تستثمر في طريقة تضمن تنوع موارد الدخل حماية للجيل القادم، كما هو متبع في قطر وكذلك الإمارات، لكان الأمر مختلفا شكلاً ومضموناً، ولكنهم لا يعلمون، وانشغلوا بحسابات سياسية أفقدت الكويت صفة السبق كما كانت في السابق.
مما تقدم، نرى بأن الكويت في حاجة إلى ثورة وطنية سواء من قبل العقلاء أصحاب القرار، أو من خلال ضغط الشارع الذي لمسنا أثره في هذا الجانب بعد أن شوهد الإصلاح ككرة يحتكرها البعض لنفسه ولا يريد أن يشاركه في عملية الإصلاح أي طرف آخر، ومن المؤكد أن احتكار الرأي يقوي منهجية العمل الانفرادي، أو التسلطي بمعنى أصح، فالانفراد، أو التسلط في أخذ القرار منهج مدمر لا محالة... والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]