د. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة / الجنسية المزدوجة

تصغير
تكبير
يلجأ أحياناً بعض الافراد الى حصولهم على جنسية أخرى باختيارهم بسبب ظروفهم المعيشية السيئة في بلدانهم حيث المتعارف عليه أن الجنسية الثانية من دولة أخرى لا تعطى إلا لمن يسعى لها بغية الحصول على مميزات مهنية وتعليمية وأمنية، واقتصادية، وغيرها، لا يستطيع التمتع بها في وطنه الأصلي. لكن هل هذا الوضع طبيعي عند الكويتي الذي لديه جنسية وفي الوقت نفسه لديه جنسية دولة أخرى، ولماذا الجنسية الأخرى مادامت المزايا للمواطن يحصل عليها ويقرها القانون، ولا مثيل لها في مكان آخر حصل الفرد منه على الجنسية الأخرى، ولماذا هذا الوضع المقلوب في الوقت الذي يتمنى الناس من دول أخرى الحصول على الجنسية الكويتية، إما عن طريق حجب المعلومات والادعاء «بالكويتي البدون»، وإما بطلب الجنسية الكويتية بعد الاتفاق على إلقاء جنسية الدولة التي كان تابعاً لها؟

واستغرب مع المستغربين عن هذا الخلل ومخالفة قانون الجنسية، والتي تتحملها وزارة الداخلية لأنها تعرف أن هناك ازدواجية في الجنسية، وخروجاً عن القانون، ومخاطر كثيرة جراء حدوث هذه الظاهرة، فما الذي يحرك هاجس وزارة الداخلية بعد أن كثر حديث الناس عن الموضوع في الدواوين والاعلام وفي أروقة المجلس النيابي؟ لقد أخذ الموضوع حيزاً كبيراً من المناقشة وردات الفعل لدرجة الانزلاق الى الحديث عن قضايا الوحدة الوطنية والولاء والمواطنة والطائفية والقبلية!

الجنسية ليست هدية ورقية تدل على صاحبها وتقدم له المزايا، وإنما هي أكثر بكثير من كل هذا، انها الولاء والانتماء للوطن والدفاع عنه، والمساهمة في بنائه، والذود عن سلامته، والسعي لتنميته وغيرها. فمثلما للفرد حقوق على الدولة كذلك للدولة حقوق على المواطن. الأخ علي البغلي في جريدة «الراي» يوم 17/4 وفي مقابلة معه أشار الى ان هناك «220 ألف كويتي يحملون الجنسية السعودية، ويقيمون في المملكة ويجنون منافع استحقاق الجنسيتين»، طبعاً سيكون هناك أعداد أخرى يحملون جنسيات دول أخرى أوروبية، وربما جنسيات جزر الواق واق، لكن حصر الازدواجية بالآلاف اذا كان صحيحاً، واذا كانت الحكومة لديها المعلومات الكافية عن هذا الواقع فإن ذلك يعني اننا نواجه وضعاً في غاية الخطورة يستدعي الاسراع ليس في معالجته فقط وفق الاطر القانونية، وإنما أيضاً احالة المتسببين في خلق هذا الواقع الى القضاء ومحاسبتهم مهما كانت المعلومات عنهم معقدة وغير مثبتة.

كيف حدثت هذه الازدواجية في الجنسية مع أن القانون واضح في المنح والحجب، ولماذا لم تصوب الأخطاء في هذه المسألة رغم مرور كل هذا الزمن الطويل، والاستمرار في السكوت عنه أو تجاهله، بينما قضية كهذه تمس السيادة والوطن والعدالة والأمن من كل الجوانب والميادين؟ ان المطلوب ان يطبق القانون، ووزارة الداخلية معنية بالتطبيق، وتمنياتنا أن نرى سيادة القانون كما أكد عليها صاحب السمو الأمير في أكثر من مناسبة.



د. يعقوب أحمد الشراح

كاتب كويتي

yaqub44@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي