د. عبداللطيف محمد الصريخ / زاوية مستقيمة / نصوص دستورية... وأعراف دستورية

العرف هو ما تعارف الناس عليه، ومارسوه جيلاً بعد جيل، حتى ولو لم يكتب أو يُدوَّن، وهو لانتشار استعماله فالناس لا تستنكره، فهو معروف وهو عرف. هناك أعراف دستورية مارسها أهل الكويت منذ بدء العمل بالدستور، وحتى ولو لم تكتب، فهي معروفة، ولنأخذ مثلاً على ذلك : معروف أن الحكم انحصر في ذرية أحمد الجابر وسالم المبارك بالتناوب، رغم أن النص الدستوري فتح الباب على مصراعيه في ذرية الشيخ مبارك الصباح، ومعروف أيضاً ورغم المادة (82) من الدستور التي توضح شروط مرشحي مجلس الأمة، أن الشيوخ ممنوعون من الترشح لانتخابات مجلس الأمة والمجلس البلدي والجمعيات التعاونية عدا الجمعية الزراعية، وهناك استثناء للأنشطة المجتمعية ذات الطابع الرياضي من هذا المنع. ونظمت المادة (56) من الدستور آلية اختيار رئيس مجلس الوزراء وكذا الوزراء أنفسهم، وقد ساد العرف بأن يكون رئيس مجلس الوزراء من الأسرة الحاكمة، ومن ذرية الشيخ مبارك الصباح بالذات، ولعله من نافلة القول أنه لا تكاد تخلو وزارة منذ البدء بالعمل بالدستور من وزراء شيوخ، وخصوصاً الوزارات السيادية كالخارجية والدفاع والداخلية، وغيرها من بعض الوزارات، كما تتضمن أغلب التشكيلات الوزارية، إن لم يكن جميعها، شيوخاً من غير ذرية مبارك الكبير، هذه أعراف دستورية غير مكتوبة، وقد ارتضاها أهل الحل والعقد وعملوا بها، وإن تناوشها بعضهم أحيانا كقضية الرئاسة الشعبية لمجلس الوزراء، ولكن العرف ما زال هو المسيطر. كما أن لأبناء الأسرة الحاكمة حقوقاً مالية معروفة ليست لكل الكويتيين ينظم شؤونها الديوان الأميري، حفظاً وصوناً لكرامة أبناء الأسرة الحاكمة. وتنص مادة (36) من الدستور أن (حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون)، وقد تعارف الناس على ابتعاد الشيوخ عن العمل الصحافي وكتابة المقالات حفظاً لهم من التجريح الشخصي والنقد، إلى أن بدأ بعضهم بخوض غمار الكتابة الصحافية مثل الشيخ راشد الحمود، والشيخ فهد سالم العلي، والشيخ علي الجابر، وكسروا هذا العرف.

ما حدث قبل أيام من اثار مقال الشيخ المواطن علي الجابر، يؤكد على أهمية ذلك العرف الدستوري، وإنني أدعو وزير الديوان الأميري لتفعيل هذا العرف حفظاً لكرامة أبناء أسرة الحكم، التي يحمل لهم جميع الكويتيين كل حب وتقدير.



د.عبداللطيف الصريخ

مستشار في التنمية البشرية

[email protected]