إزالة 73.7 ألف شركة من سجلات «التجارة»... نحو بيئة أعمال ببيانات دقيقة وواقعية
- 320 ألف ترخيص سارياً بالسجل التجاري... و43000 أصدرتها الوزارة في 2025
خلال عامي 2024 ـ 2025 قامت وزارة التجارة والصناعة بحملة تنظيف واسعة النطاق بالسجل التجاري، ترتب عليها إزالة 73.7 ألف شركة، تشكل نحو 35 % من الشركات المبوبة بالسجل التجاري والذي يقارب إجماليها 210 آلاف، مع إلغاء تراخيص 589 عربة متنقلة.
من الوهلة الأولى قد يبدو أن هذا الإجراء وما ترتب عليه من رقم صعب يعكس وجود تعقيدات كبيرة تواجه بيئة الأعمال، لدرجة أنه قد يحلو للبعض اعتبار السوق المحلي طارداً للشركات وللاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، لكن القراءة التحليلية للحملة التي أطلقت عليها الوزارة «تنظيف» يظهر وجهاً آخر، يحمل تفسيرات ومزايا صحية عدة، يتطلب التعرف عليها من حيث المبدأ تحديد المحركات التي دفعت «التجارة» لهذه الإزالة التاريخي للتراخيص التجارية من السجل التجاري، وما إذا كانت جراحة الوزارة في هذا الخصوص جاءت تجميلية للدفاتر أم مستحقة لتحسين بيئة الأعمال المحلية والتخلص من الكيانات التجارية غير الفاعلة؟
طبيعة النشاط
حسب التصريحات الرسمية لمسؤولي «التجارة» جاءت إزالة هذه الكتلة التجارية من السجل التجاري لأنها غير نشطة، ما يعني أنها خاملة تشغيلياً ما يجعل تراخيصها ورقية، ومن ثم لا يشكل شطبها أي آثار سلبية على واقع البيئة الاقتصادية في البلاد، بل يعكس إصلاحات إجرائية تعزز استدامة نشاط بيئة الأعمال المحلية بكيانات فاعلة، مع الأخذ بالاعتبار أن الإزالة تعني إجرائياً عزل التراخيص المشمولة في نظام مستقل، تمهيداً لشطبها أو توفيق أوضاعها.
ويعول مسؤولو «التجارة» كثيراً على أن تؤدي هذه الخطوة، إلى تجفيف «شحوم التراخيص»، المتراكم بعضها في دفاتر الوزارة اسمياً منذ الستينات لعدم النشاط، لصالح بناء قاعدة بيانات دقيقة وواقعية تعكس طبيعة وحيز النشاط الفعلي للتراخيص المدرجة بالسجل التجاري، ما يساعد في تعزيز الإنتاجية وتحفيز النمو الحقيقي، مع المساهمة في رفع تصنيف الدولة ودعم التقييم الوطني، وتقوية منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أي أن عزل التراخيص التجارية غير الفعالة وبهذا الحيز الضخم يدخل نطاق ما يعرف اقتصادياً، بـ«الهدم البناء»، الذي يستهدف مسؤولو «التجارة» من تنفيذه تعزيز الثقة بمنظومة التراخيص التجارية، وتحفيز تدفق أموال المستثمرين الجادين.
مشروع شامل
فضلاً عن ذلك، يصعب تجاهل أهمية إزالة هذا الكم الكبير من الشركات، في أنها حفزت على تحديث بيانات آلاف الشركات، ضمن مشروع «التجارة» الشامل لتسجيل المستفيد الفعلي، والذي يستهدف كشف الشخص الحقيقي الذي يملك أو يسيطر على الشركة، ما يمنع إخفاء الملكيات أو استخدام أسماء شكلية، ومن ثم تعزيز قدرة الدولة على حماية بيئة الأعمال وتقليل المخاطر الاقتصادية، علماً أن نسبة الافصاح في هذا الخصوص تقارب 98 %.
وبلغة الأرقام تظهر البيانات الرسمية الصادرة عن «التجارة» إصدار 32.71 ألف ترخيص تجاري جديد أول 9 أشهر من 2025، موزعة على مختلف القطاعات، في مؤشر يعكس النمو المتواصل لبيئة الأعمال والاستثمار المحلي، حيث استحوذت شركات الأشخاص على النصيب الأكبر بواقع 13.69 ألف، تليها مؤسسات الأعمال الحرة ومتناهية الصغر بـ4.248 ألف، فيما وصل عدد الشركات ذات الطبيعة الخاصة 19، وقياساً على المتوسط الشهري لإجمالي التراخيص التجارية المؤسسة أول 9 أشهر يرجح أن يصل إجمالي إصدارات 2025 من التراخيص التجارية 43 ألفاً، أخذاً بالاعتبار أن إجمالي التراخيص التجارية المسجلة لدى «التجارة» يقارب 320 ألفاً.
وجميع الأرقام السابقة تؤكد نمو طلب تأسيس الشركات في الكويت أملاً في الاستفادة من فرص الاستثمار المتاحة وسط ترجيح حدوث انتعاش قوي في سوق المشاريع المحلي 2026، سبقه ارتفاع كبير في ترسية العقود خلال 2025 قدرته مجلة ميد بنسبة 50 %، حيث تحتل الكويت المرتبة الثالثة إقليمياً في مؤشرها للنشاط الاقتصادي، مدعومة بأساسيات قوية، ما يؤكد تحسين البيئة التشغيلية.
وتحت مظلة الأرقام أيضاً تبرز توقعات المؤسسات الدولية لاقتصاد الكويت، ومن ضمنها صندوق النقد الدولي الذي أكد خبراؤه بدء مسار التعافي الاقتصادي خلال 2025، متوقعين نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 2.6 %، و3.8 % بـ 2026، فيما تأتي هذه التوقعات المتفائلة مدعومة بفوائض مالية و«حساب جاري» يتجاوزان نسبة 10 %.
وفي مسعى لتعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية ودعم رؤية التنويع الاقتصادي، قلّصت «التجارة» إجراءاتها المقررة، سواء عند تأسيس الشركات، أو عند تنفيذ أي معاملة لاحقة، إلى أقل خطوات مطلوبة، مع الاستغناء عن الخطوات غير الضرورية التي ترهق المستثمر من دون داعٍ، إضافة إلى توحيد الإجراءات التي يتعين على المستثمر المرور بها.
محركات «التجارة»
• توسيع الإصلاحات المعززة لاستدامة بيئة الأعمال بكيانات فاعلة
• التخلص من «شحوم التراخيص» المتراكم بعضها اسمياً منذ الستينات
• الإزالة لا تعكس آثاراً سلبية على البيئة الاقتصادية بل توفر معالجة
• رفع تصنيف الدولة وتقوية منظومة مكافحة «غسل الأموال» إجرائياً
• «الهدم البناء» يعزّز الثقة اقتصادياً ويحفّز تدفق أموال المستثمرين