علم النفس يكشف عن سمات وقدرات استثنائية
التحدث مع نفسك... عما يدل؟
كشف علماء مختصون عن أن التحدث مع النفس عند الوحدة ليس علامة على فقدان الاتصال بالواقع، بل هو جزء أساسي من كيفية تنظيم الدماغ للأفكار والعواطف والأفعال.
ووفقاً لدراسات حديثة، فإن هذا التعليق الداخلي يمكن أن يكشف عن كيفية تفكيرنا وكيفية تعاملنا مع التوتر وكيفية دفع أنفسنا إلى الأمام.
وأوضح الباحثان في علم النفس غاري لوبيان ودانيال سوينغلي أن الأشخاص الذين يكررون اسم شيء يبحثون عنه، مثل قول «المفاتيح، المفاتيح، المفاتيح» في السوبرماركت، يجدونه بشكل أسرع. ولفتا إلى أن نطق الكلمة يبدو أنه يشحذ مرشحات البحث في الدماغ، وهو ما يطابق ما يفعله الكثير منا بشكل حدسي بالفعل.
وأشارت الدراسة إلى أن الحديث الذاتي غالباً ما يعمل مثل لوحة تحكم عقلية، حيث يساعد على تحديد الأهداف وتوجيه الانتباه وتنظيم العاطفة في الوقت الفعلي. ولفتت إلى أن الأطفال يتحدثون إلى أنفسهم باستمرار، وهو ما يسميه علماء النفس «الكلام الخاص»، لكن مع مرور الوقت، يتحول هذا الكلام إلى الداخل ويصبح الصوت الصامت في رؤوسنا.
وأضافت أنه حتى شكل الحديث الذاتي مهم، حيث إن طرح السؤال «هل يمكنني فعل هذا؟» بدلاً من قول «يمكنني فعل هذا» يمكن أن يؤدي إلى تفكير أعمق واستعداد أفضل، وهو الأمر الذي يؤدي أحياناً إلى جهد أقوى، مبينة أن هذا النوع من الحوار الداخلي مرتبط بدافع جوهري أعلى، وهو الدافع الذي يأتي من الداخل بدلاً من المكافآت أو الضغط الخارجي.
ونوهت دراسات عدة إلى أن الكلام الداخلي مرتبط بالوعي الذاتي، وهو القدرة على ملاحظة الأفكار والدوافع والعادات.
وأشار إيثان كروس أستاذ علم النفس في «جامعة ميشيغان» ومؤلف كتاب «التحول: إدارة عواطفك حتى لا تديرك»، إلى أن التحدث مع أنفسنا هو قوة خارقة نمتلكها جميعاً. وذكر أن الحديث الذاتي يعمل بشكل جيد بشكل خاص عند دمجه مع ممارسات عقلية بسيطة أخرى، مثل كتابة اليوميات التي تحول الأفكار المنطوقة إلى شكل مكتوب، وهو ما يبطئها ويجعل الأنماط أسهل في اكتشافها.
وأفادت دراسات ذات صلة بأن المهندسين الذين يصححون أخطاء الأكواد والأطباء الذين يواجهون تشخيصات معقدة والآباء الذين يتلاعبون بالجداول الزمنية غالباً ما يستخدمون الحديث مع النفس من دون تسميته.
ولفت الباحثون إلى أن التوتر والغضب والحزن غالباً ما تصل كاندفاع من الأحاسيس التي تبدو فوضوية ومربكة، لكن وضعها في كلمات، حتى بشكل خاص، يمكن أن يغير التجربة.
