حروف باسمة

أهلاً بعام التفاؤل

تصغير
تكبير

التفاؤل هو استقرار النفس للوصول إلى الغاية الطيبة.

أما التشاؤم فهو الجزع عند نزول شدائد الأمور وانبعاث اليأس والقنوط في النفس، فإن الإنسان إذا يئس وقنط وجزع وتسخط كان من أبعد الناس عن التفاؤل.

فالتفاؤل يحتاج من الإنسان إلى أن يطرد عن نفسه هذا اليأس والقنوط وأن يتجنب كل سبب يدعوه إلى القنوط واليأس.

وهذا بلا شك يجعله يستحضر معنى التفاؤل ويتجنب معنى التشاؤم، لذلك، لا يمكن أن يجتمع اليوم التفاؤل مع القنوط، ولا الاستبشار مع اليأس، ولا تذكر حسن العواقب مع هذا الجزع.

لذلك، فإن الشريعة دعت الإنسان دائماً حتى عند وقوع الابتلاءات إلى الصبر والرضا والشكر وليس إلى الجزع والتسخط.

كذلك أيضاً، من معاني التشاؤم الاستسلام لوسواس الشيطان الذي يعد بالفقر ويدعو إلى القنوط من رحمة الله تبارك وتعالى.

والله ذكر ذلك لنا حيث قال:

«ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله».

فالشيطان دائماً تجده يزرع في نفس الإنسان القنوط واليأس، فإذا ما أصيب المرء بمرض يأتي الشيطان فيقنطه من الشفاء.

وإذا ما أصيب بفقر يقنطه من الكفاف والغنى.

وإذا ما أصيب ببلية يقنطه من التعويض والخلف.

وإذا أراد أن يتصدق يذكره دائماً بالفقر.

وإذا أراد أن يقدم ويجاهد في سبيل الله يذكرهُ بالأولاد فيزرع في نفسه الخوف، وغير ذلك من وساوس الشيطان التي لا تنتهي عند حد، ولا تقف عند صورة... وهذا كله يجعل الإنسان حقيقة يتجنب أن يكون مستسلماً لوساوس الشيطان الذي يعد بالفقر ويدعو إلى القنوط من رحمة الله.

كما قال الله عزوجل:

«الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم».

فالعاقل ليس هو الذي يستسلم لعدوه ولا هو الذي يسلم نفسه لخصمه بل العاقل هو الذي يتنبأ لمكائد العدو فيجتنبها، ويبتعد عن وساوس الشيطان فيحذرها، أيضاً من موانع اكتساب التفاؤل، شدة الحسرة على فوات رزق أو ضياع مصلحة دنيوية كان يتمناها العبد ويرجو حصولها.

بعض الناس -سبحان الله- إذا فانه شيء من أمر الدين كأن الأمر لا يعنيه.

وإذا فاته رزق يسير من أمر الدنيا أقام الدنيا ولم يقعدها، وكأنه قد فاتته الجنة.

فتجدهُ يموت كمداً وحسرة وألماً وحزناً، ودائماً يذكر نفسه بفرصة ضائعة ويلوم نفسه دائماً عليها ويعاتب نفسه وغيره.

إن الشيطان لم يذكره بذلك وهكذا تجده في صباحه ومسائه وهو يدور على هذا المعنى وعلى هذا الأمر وعلى هذه الفرص الضائعة والأموال الفائتة، بينما في المقابل تجدهُ أبعد ما يكون عن تحسره على أمر ديني فاته أو منفعة أخروية لم يحصلها.

كذلك من موانع اكتساب التفاؤل هو ما نراه أو نشاهده من انشغال بعض الناس بأمر المستقبل انشغالاً عظيماً مع الهلع من كل عارض، فتجده يخاف الفقر فيزداد فقراً ويخاف الذل فيزداد ذلاً، ولو أنه أسلم أمره لله عزوجل وتيقن أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها لم يكن هذا حاله ولا هذا مصيره ولا هذه نتيجته.

هذا كله راجع إلى قناعة القلب والرضا عن ما قسمه الله عزوجل للإنسان.

فالغنى الحقيقي هو غنى النفس وليس غنى المال، كما قال النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (ليس الغنى من كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس).

جعلنا الله وإياكم من الأغنياء في أنفسنا، هذا ما اطلعت عليه في البرنامج الإذاعي، (قصة وعبرة)، للدكتور المتألق/محمد ضاوي المطيري، في برنامجه الرائع.

ونحن في استقبال عامنا الجديد نتمنى أن يكون عاماً كله تفاؤل على هذه الديرة المتفائلة، وعلى أبنائنا الذين يجدُّون من أجل بنائها ورفعتها وتألقها بين أقطار الدنيا ويسودهم التفاؤل بالخير العميم والرزق الوفير من العلي القدير، ويدهم واحدة وقلوبهم متحدة وأبصارهم ثاقبة نحو بناء ورفعة وتألق أمهم الكويت العزيزة.

عزيزي القارئ

لنقرأ ما قالهُ الشاعر الكبير التونسي أبوالقاسم الشابي:

خذ الحياة كما جاءتك مبتسماً

في كفها الغار أو في كفها العدمُ

واقنع بما تأمر الدنيا بلا مضضٍ

والجم شعورك فيها إنها صنمُ

هذي سعادة دنيانا فكن رجلاً

إن شئتها أبد الآباد يبتسمُ

عمار يا كويت التفاؤل.