تحمية إسرائيلية في ملاقاة 31 ديسمبر

عون: قرار حَصْر السلاح اتُّخذ وسنكمل في الأمر وشبح الحرب ابتعد

«بيك آب» استهدفتها غارة إسرائيلية عند مدخل بلدة صفد البطيخ - قضاء بنت جبيل
«بيك آب» استهدفتها غارة إسرائيلية عند مدخل بلدة صفد البطيخ - قضاء بنت جبيل
تصغير
تكبير

لن يتسنّى للبنان وهو يقترب من أن يَقْلب صفحةَ 2025، أن يقلّب «على البارد» ما كان على مدار سنةٍ تَسَلَّمَتْ من العام السالف حرباً علّقها اتفاق 27 نوفمبر (2024) ويُخشى أن تُسلِّم خليفتَها حرباً جديدة تصارع «بلاد الأرز» لمنْع انفجارها.

فإسرائيل وعشية لقاء رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين، حرصتْ على ألا يعلو صوتُ المفرقعات النارية واحتفالية الأضواء التي ستبلغ ذروتَها ليلةَ ولادةِ 2026 فوق صوتِ «المعادلات النارية» التي تُرِسِّمُها ملاقاةً لـ 31 ديسمبر «الأمني - العسكري».

فهذا الموعد الذي يُفترض أن يضع نقطةً على آخر سطر مرحلة تفكيك ترسانة «حزب الله» جنوب الليطاني وبدء مرحلةِ شمال النهر، تسعى إسرائيل لتعبيد الطريق القصير جداً إليه بـ «أمرٍ واقعٍ» جديدٍ لا يشكل فقط امتداداً لِما طَبَع «النسخة 2025» من تطبيق اتفاق وقف النار، أي لممارسة «تفوّقها» ميدانياً كلما وأينما دعتْ الحاجةُ في كل لبنان، بل أيضاً لتوجيه «إنذارٍ بالنار» قاسٍ حيال أي تلكؤ أو تردُّدٍ من بيروت في استكمال مَسار سَحْبِ السلاح الذي كانت تستعدّ لأن تتولاه «بيدها» أوائل ديسمبر قبل أن تَلْجمها واشنطن وتمدّد فترة السماح لـ «بلاد الأرز» لِما بعد نهاية السنة.

31 ديسمبر...ما بعده ليس كما قبله

وإذ يتم التعاطي مع 31 ديسمبر على أن ما بعده ليس كما قبله، سواء لناحية إمكان لجوء إسرائيل إلى التصعيد الكبير أو نجاح لبنان الرسمي في كَسْبِ وقتٍ إضافي جديد، يُعتقد على نطاق واسع أنه لم يعد ممكناً إلا على قاعدة إعلان حكومة الرئيس نواف سلام في 5 أو 6 يناير انتهاء مرحلة جنوب الليطاني وبدء سحب السلاح من منطقة «ما بين النهرين» (الليطاني والأولي) ومع جدول زمني، فإن الغاراتِ المتنقّلةَ التي كثّفتْها تل أبيب، جنوباً وبقاعاً، كما نوعية الاستهدافات اعتُبرتْ بمثابة إشارةٍ لسقفِ ما سيحمله نتنياهو إلى لقائه مع ترامب حيث يتساوى ملف "حزب الله" مع إيران وغزة.

وفي هذا الإطار، توقّفتْ أوساطٌ سياسية عند إعلان الجيش الإسرائيلي أنه «أغار وجهاز الشاباك، في منطقة الناصرية في لبنان (البقاع)، وقضى على المدعو حسين محمود مرشد الجوهري وهو من أبرز المنتمين إلى وحدة العمليات التابعة لفيلق القدس الإيراني (840) ودفع خلال الأعوام الأخيرة بعمليات ضد دولة إسرائيل في الساحتين السورية واللبنانية».

"الحرث الثوري"

وفيما أشار الناطق باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي إلى أن حسين «عمل تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني وتورط في العمل الإرهابي ضد دولة إسرائيل وقوات الأمن بتوجيه إيراني»، لفت إلى «أن الوحدة 840 تُعتبر وحدة العمليات التابعة لفيلق القدس والتي يترأسها أصغر باقري ونائبه محمد رضى أنصاري، الوحدة المسؤولة عن توجيه العمل الإيراني ضد دولة إسرائيل».

وأعلن أن الجيش الإسرائيلي «ينظر وجهاز الشاباك بخطورة بالغة إلى أي محاولة لتنفيذ عملياتٍ من النظام الإيراني ووكلائه وسيواصلان أعمالهما الرامية إلى إزالة أي تهديد على دولة إسرائيل».

وفي حين تَرافَقَ هذا الاستهداف مع غارة من مسيّرة إسرائيلية على «بيك آب» بين بلدتي صفد البطيخ ومجدل سلم جنوباً أدت إلى سقوط شخص، وسط تحليق سرب من الطائرات الحربية في أجواء العديد من المناطق اللبنانية وخصوصاً البقاع، فإن هذه المناخاتِ الضاغطة وخصوصاً تظهير «العامل الإيراني» في الضربة في الناصرية اكتسب دلالات أكثر خطورة في ضوء ربط ذلك بلقاء نتنياهو – ترامب وارتسام ما يشبه «إطباقاً» قامت به تل أبيب على طهران وحزب الله، بوضعهما معاً في دائرة «حربٍ آتية» عليهما، مع مفاضَلَةٍ يريد أن تَحسمها قمة 29 الجاري مع الرئيس الأميركي أو أن يختار «الهدفان» أياً منهما «يَسقط أولاً».

ولم يقلّ دلالةً أن تتلقّف تل أبيب سريعاً مَشهد تَلاقي تشييع الرقيب في الجيش اللبناني علي حسن عبدالله واثنين من مقاتلي "حزب الله" في بلدة حومين التحتا، والثلاثة كانوا سقطوا بغارة في قضاء صيدا (الإثنين) أعلن بعدها الجيش الإسرائيلي أن عبدالله كان يَخدم في استخبارات الجيش اللبناني والحزب، وهو ما نَفَتْه بيروت ووزير دفاعها والعماد رودولف هيكل.

وقد كتب أدرعي على منصة «إكس» معلّقاً على صورة من التشييع تظهر النعوش الثلاثة معاً: «(...) جنازة فيها خيانة لثقة الشعب اللبناني (...)».

وخلال هذا التشييع، تحدث نائب «حزب الله» علي فياض معلناً «اليوم، تمتزج الدماء الطاهرة من الجيش اللبناني البطل ‏الذي نثمّن مواقف قيادته الحكيمة، والمقاومة الباسلة (...)»، ومؤكداً أن «السلطة اللبنانية مطالَبة بأن تؤكد التزام ممثليها في لجنة الميكانيزم (باتت طاولة تفاوض دبلو - مدني وعسكري بين لبنان وإسرائيل) قولاً ‏وفعلاً ودون مواربة اقتصار البحث على الثوابت اللبنانية المعلنة، وهي الانسحاب الإسرائيلي ووقف ‏الأعمال العدائية وإطلاق الأسرى».

وأضاف: «يستعجل البعض البحث بموضوع السلاح شمال الليطاني، وهذا الموقف المستغرب والمُدان، يشكل تتويجاً لسلسلة السقطات التي مارستها السلطة والتي لم تفضِ إلى أي نتيجة».

وعَكسَ هذا الموقف استمرار "حزب الله" في رفض أي بحث بمسألة سلاحه شمال الليطاني قبل تنفيذ إسرائيل موجباتها من اتفاق 27 نوفمبر على أن يكون نقاش ترسانته ضمن حوار داخلي حول الإستراتيجية الدفاعية، وسط تريُّثه في إظهار المزيد مما قد يترتب على إعلان لبنان الرسمي الانتقال إلى مرحلة «ما بين النهرين» مطلع السنة في انتظار حسْم إذا كان «الضوء الأخضر» الذي أعطاه رئيس الحكومة في هذا الاتجاه سيتكرّس على طاولة مجلس الوزراء، أم أنّ رئيس الجمهورية العماد جوزف عون قد يُبطئ هذا المسار لمزيد من التشاور.

موقف عون

وبرز موقف للرئيس عون بعد مشاركته في قداس الميلاد الذي ترأسه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، إذ قال رداً على سؤال حول اقتراب انتهاء مهلة 31 ديسمبر لجنوب الليطاني وما قد يحصل شمال النهر، وموضوع حصرية السلاح: «نحن سنكمل في ذلك، وسأعود وأكرر أن القرار اتُّخذ وسنكمل في الأمر، والتطبيق وفقاً للظروف».

وعن عمل لجنة الميكانيزم والحديث الإسرائيلي عن تجدد الحرب بعد رأس السنة، أجاب: «إن اتصالاتنا الدبلوماسية لم تتوقف لإبعاد شبح الحرب. وأستطيع أن أقول لكم إن شبح الحرب ابتعد. وبطبيعة الحال، في التفاوض، كل واحد يريد رفع سقفه لكنني متفائل وإن شاء الله الأمور ذاهبة إلى خواتيم إيجابية».

ورداً على سؤال حول عمل الدبلوماسية اللبنانية بالتوازي مع عمل لجنة الميكانيزم، أكد «أن اتصالات لبنان مع الدول المؤثرة لم تتوقف خاصة مع الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والدول العربية».

وكان عون استهل كلامه بإعلان «من المؤكد في هذا العيد، هناك جرح نازف في الجنوب ولم يعُد أهلنا إليه بعد، فيما لا يزال أسرانا في السجون الإسرائيلية، ولاتزال هناك اعتداءات آخرها اليوم في الجنوب والبقاع. إن شاء الله نشهد ولادة لبنان الجديد وننتهي من الحروب ونعيش السلام».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي