رئيس الأركان توفي بتحطم طائرة مأسوي فوق أنقرة مع 4 من مرافقيه خلال عودتهم إلى طرابلس
الجنرال محمد الحداد... رحيل مفاجئ قد يُهدّد «توحيد الجيش الليبي»
- المنفي يُعيّن صلاح الدين النمروش رئيساً «موقتاً» لأركان الجيش
إثر حادث تحطم طائرة مأسوي خلال عودته من تركيا إلى بلاده مساء الثلاثاء، رحل رئيس أركان قوات الغرب الليبي الفريق محمد الحداد، ليختفي من المشهد الأمني، تاركاً حلمه في «توحيد المؤسسة العسكرية» من دون أن يتحقق، لكن وفاته وحّدت ليبيا على نعيه.
وتحطمت طائرة خاصة من طراز «فالكون 50» بثلاثة محركات تم إنتاجها منذ 37 عاماً بعد خلل فني وفق ومعلومات أولية، كانت تقل الحداد ومستشاره محمد العصاوي دياب، ورئيس أركان القوات البرية الفريق الفيتوري غريبيل، وهو أيضاً عضو في اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، ومدير جهاز التصنيع العسكري العميد محمود القطيوي، والمصور في مكتب إعلام رئاسة الأركان محمد عمر محجوب وطاقم القيادة، فوق منطقة هايمانا جنوب أنقرة، بعد دقائق من مغادرتها مطار أنقرة.
وقال برهان الدين دوران رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية إن الطائرة الخاصة التي كانت تقل رئيس أركان الجيش الليبي وسبعة أشخاص آخرين، أبلغت عن عطل كهربائي وطلبت الهبوط الاضطراري قبيل انقطاع الاتصال معها وتحطمها بالقرب من أنقرة.
وبدأت السلطات التركية التحقيق في ملابسات الحادث بمشاركة وفد ليبي، وتم العثور على الصندوق الأسود وجهاز تسجيل قمرة القيادة في موقع تحطم الطائرة، لكن الغموض لا يزال يلف أسباب سقوطها، في انتظار ما ستكشف عنه نتائج التحقيقات الرسمية.
وزار الحداد الاثنين، تركيا على رأس وفد عسكري، والتقى صباح الثلاثاء، وزير الدفاع يشار غولر، وذلك بعد ساعات من تمرير البرلمان التركي قراراً بتمديد مدة الوجود العسكري التركي في ليبيا حتى يناير 2028.
وإثر وفاته، أعلنت ليبيا الحداد لمدة ثلاثة، وأصدر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي قراراً بتعيين الفريق صلاح الدين النمروش، رئيساً لهيئة أركان الجيش «موقتاً» خلفاً للقيادي الراحل.
ونعى رجل ليبيا القوي في الشرق قائد الجيش المشير خليفه حفتر «أحد الرجال الذين أدوا واجبهم العسكري بكل تفانٍ ومسؤولية»، مؤكداً أن «القوات المسلحة فقدت أحد أبرز رموزها».
وأعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم عن حزنها العميق إزاء حادث تحطم الطائرة «المأسوي»، مقدرة «الخدمات المخلصة» التي قدمها الحداد، وكونه «كان مدافعاً قوياً عن توحيد المؤسسات العسكرية والمدنية الليبية، وعن السلام والاستقرار».
كما نعت البعثة الفريق غريبيل، الذي «لعب دوراً محورياً في توقيع اتفاق وقف النار عام 2020».
وتعاني ليبيا انقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، حيث تدير شؤونها حكومتان: حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً في طرابلس غرباً برئاسة الدبيبة، والثانية في شرق البلاد وتحظى بدعم البرلمان وحفتر ومقرها بنغازي.
وبرز اسم الجنرال الحداد كمقاتل بعد حوادث عام 2011 في ليبيا، إذ تدرج في المناصب العسكرية العليا، بداية من قيادته لما يُسمى «لواء الحلبوص»، الذي شُكل سنة 2011، وعُرف لاحقاً باسم الكتيبة «301» مشاة، والمتمركزة جنوب طرابلس.
وشغل مهام عدة، منها قيادة المنطقة الوسطى، وكانت له أدوار عسكرية في المواجهات التي دارت في ليبيا مع تنظيم «داعش» الإرهابي بين عامي 2016 و2018، قبل أن يتولى رئاسة الأركان أواخر عام 2020.
وطالب مراراً بالتواصل والتنسيق مع المنافس القوي في شرق ليبيا أي الجيش وحفتر، الذي كان من أوائل من قدموا التعازي في وفاته.
ولطالما تعهد الحداد منذ توليه منصبه، بالعمل على بناء جيش ليبي نظامي موحد قادر على حماية السيادة الوطنية، وإنهاء حالة الانقسام داخل المؤسسة العسكرية.
وشكل الحداد المُنحدر من مصراته، مركز ثقل في المعادلة الأمنية، وضماناً بين القوات المتصارعة في الغرب الليبي، كما حظي بثقة الأطراف الدولية النافذة، لا سيما منها الولايات المتحدة.
وتزامن الحادث مع الذكرى الـ 75 لاستقلال ليبيا، ما أعاد إلى الواجهة مخاوف من تعميق حالة الانقسام السياسي والعسكري في البلاد، وطرح مرة أخرى ملفات شائكة لم تُطوَ بعد بين شرق ليبيا وغربها، وفي مقدمتها مسار توحيد المؤسسة العسكرية.