«طوفان» الفرح بالأعياد... كأن اللبنانيين أداروا الأذن الصماء لقرقعة السلاح

لبنان يُصارِع... بين حربٍ لم تنته وحربٍ تحوم فوقه

دخان غارات إسرائيلية على النبطية
دخان غارات إسرائيلية على النبطية
تصغير
تكبير

شكّل حزامُ النار الذي لفّ مناطقَ في النبطية، جنوب لبنان، مؤشّراً بارزاً «يؤكد المؤكدَ» لجهة ما يَنتظر «بلاد الأرز» في الطريق إلى 31 الجاري كما ما بعده والذي تَسبقه محطة مفصلية يوم الاثنين المقبل مع اللقاء المنتظَر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وعلى وقع دخول لبنان عطلة الميلاد ورأس السنة حرصت إسرائيل على «تعكير مَزاج» الأعياد التي يتردّد دويُّ احتفالاتها في عموم الدورة السياحية وقطاعاتها، وكأنّ أبناء «بلاد الأرز» يديرون «الآذانَ الصماء» لهدير حربٍ جديدة ربما تقع في يناير أو فبراير وربما تنجح عواصم القرار بإبعاد شَبَحها ولو بـ... معجزة.

وحملتْ الغاراتُ التي نُفَّذت على وادي النميرية ووادي حومين وتبنا وأعلن الجيشُ الإسرائيلي أنها استهدفتْ منشآتٍ عسكريةً وبنى تحتيةً استخدمها حزب الله في عملياته أخيراً، رسالةً إضافيةً لِما يكمن للوطن الصغير مع العدِّ العكسي للقاء ترامب - نتنياهو الذي سيتركّز البحث فيه على مثلث، إيران – غزة – لبنان.

حصر السلاح

فهذا اللقاء الذي يأتي قبل يومين من انتهاء المهلة التي حدّدها الجيش اللبناني لإنهاء سَحْبِ سلاح «حزب الله» جنوب الليطاني، بات وفق أوساط سياسية بمثابة «الناظم» غير المعلَن لسلوك لبنان الرسمي بإزاء «اليوم التالي» لـ 31 ديسمبر والذي سادَه «رَبْطُ نزاعٍ» إيجابي بالصوت العالي من رئيس الحكومة نواف سلام تحت عنوان الجهوزية لإكمال الحلقات المتسلسلة من قرارها بحصْر السلاح بيد الدولة ومحطته الثانية في شمال الليطاني وتحديداً المنطقة الواقعة «بين النهرين» أي الليطاني والأولي.

ولم يعُد خافياً أن بيروت بتعمُّدها إطلاقَ ما يُشْبِه «الإشارة الضوئية» التي تحدّد موقعها بإزاء مرحلة شمال الليطاني والمضيّ بها رغم رسم حزب الله خطاً أحمر حولها، تريد إكمال مَسار «إحراج» إسرائيل أمام الولايات المتحدة، و«التقدّم عليها خطوةً» مرة جديدة، بما يتيح تمديدَ إقامة لبنان في المنطقة الرمادية بين حربٍ لم تنتهِ وأخرى أكبر لم تبدأ بعد، وهو ما يتطلّب المزيد من التراجعاتِ على أمل أن يتجرّعها «حزب الله» ولو على طريقة «عدم القدرة على التعطيل».

ولم يكن عابراً أن يرتسم في الساعات الماضية سِباقٌ بين مَساعي التبريد التي يَحرص لبنان عليها عبر تحضير الأرضية كي ينعطف قطارُ سَحْبِ السلاح إلى شمال الليطاني، وبين التسخينِ الإسرائيلي في الميدان، كما بالمواقف والتقارير التي تَشي بأنّ ما بعد 31 يناير ليس فقط سنة جديدة بل أيضاً «كلام آخَر» وجديد مع بيروت ما لم يكن أقلّه تفكيك ترسانة حزب الله انطلق بجديةٍ خارج جنوب الليطاني ووفق جدولٍ زمني محصور، علماً أن هذا المسار «له تتمّة» تتعلق بالحزب ومدى استعداده لمداراة الحكومة في خطوةٍ يتصدى لها بمواقف اعتراضية متدحرجة.

وفي الوقت الذي أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس «أننا نواصل العمل لتنفيذ التزام حكومة لبنان بنزع سلاح "حزب الله"، وإبعاده عن الحدود، بالتوازي مع ما نقلتْه القناة 13 الإسرائيلية عن مصادر من أن «نتنياهو سيطلب من ترامب ضوءاً أخضر لشن عملية واسعة النطاق ضد الحزب»، قام الأخير بترسيمٍ حدودٍ لمرحلة ما بعد 31 ديسمبر جَعَلها بِرَسْمِ تل أبيب والحكومة اللبنانية اللتين وضعهما «في مقطع واحد».

إنهاء الاحتلال الصهيوني

ففي بيان لكتلة نوابه بعد اجتماعها أكد «حزب الله» أن الأولويّة الوطنيّة اليوم هي إنهاء الاحتلال الصهيوني للمناطق والمساحات التي لم ينسحب ‏منها العدو ‏ حتى الآن، رغم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر 20124، وقال«هذا الإنهاء المتضمن وقف الأعمال العدائيّة وإطلاق سراح الأسرى هي التزامات على ‏العدو أن ينفذها دون ‏تباطؤ ولا شروط، وعلى السلطة في لبنان أن تتصرف بحزمٍ وتتجنَّب ‏الانزلاق المرفوض إلى تنفيذ شروط يمليها العدو ‏ورعاة احتلاله من أجل إذلال جيشنا وشعبنا ‏ومواصلة انتهاك سيادتنا الوطنيّة براً وبحراً وجوّاً».

وأضافت الكتلة:«ليعلم العدو وحماته الدوليون أنّ حق اللبنانيين بمقاومة الاحتلال إذا استمرَّ لأرضهم هو ‏حقٌّ مشروع بكل المعايير ‏والاعتبارات والمواثيق الدوليّة ولا يحتاج إلى شرعنة من المتخاذلين ‏أو المتواطئين (...) وعلى الحكومة بدل أن تتبرع مسبقاً ‏للمسارعة إلى استئناف ما يرتاح له العدو من خطوات، أن تقوم ‏بإجراءٍ حازمٍ يدفعه لتنفيذ ما ‏عليه، دون مراوغةٍ أو ابتزاز».‏

واعتُبر هذا الموقف «عملية تمهيدية» سياسياً لـ«آخِر الكلام»الذي يُرجح أن يصدر نهاية السنة ويعلن فيه حزب الله تنفيذ الشق المتعلق به من القرار 1701 واتفاق 27 نوفمبر، مع ربْط أي نقاشٍ في مرحلة شمال الليطاني بالتزام إسرائيل بمندرجاتهما أولاً ثم ترْك مستقبل السلاح خارج جنوب الليطاني لحوار داخلي حول إستراتيجية دفاعية.

"هامش ضيق"

وترى دوائر مراقبة في هذا الإطار أن حزبَ الله كان يراهن على أن يشكل استمرارُ تل أبيب في احتلالِها جنوباً عائقاً أمام إعلان «الدولة» انتهاءَ مرحلة جنوب الليطاني بمعنى تعليق ما بعده حتى تحقيق الانسحاب ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى، أي عملياً حتى إنهاء الحرب التي تبقى واقعياً مستمرّة «من جانب واحد»، وهو ما وَضَع الحزب أمام «هامش ضيق» جديد من المناورة، في حال مضى لبنان الرسمي والجيش في الاتجاه لإعلان انتهاء المَهمة جنوب النهر وبدء مرحلة شماله، حيث أن ترجمة الرفض ستعْني إما استدعاء صِدام «يخسر فيه» مع الجيش وإما استدراج حرب إسرائيلية جديدة لا قدرة له عليها ولا يريدها بأي حال خارج توقيت«حماية رأس النظام الإيراني».

وفي موازاة ذلك، أعلن رئيس الجمهورية العماد جوزف عون خلال استقباله حسان العوادي الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والوفد المرافق«أن عودة الجنوبيين الى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة الى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

ورأى عون أن المبادرة التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي خلال القمة العربية التي انعقدت في بغداد في مايو الماضي بتخصيص مبلغ 20 مليون دولار لإعادة الاعمار في لبنان، شكّلت منطلقاً لمساعدات عربية ودولية لإعمار ما هدمته الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية على لبنان، شاكراً بغداد على مواقفها الداعمة للبنان.

وكان العوادي نقل الى عون في مستهل الاجتماع، تحيات الرئيس محمد شياع السوداني، مؤكداً استمرار الدعم العراقي للبنان وتأمين ما يحتاج اليه من مساعدات، وقال ان زيارته الى لبنان هدفها اطلاع رئيس الجمهورية والمسؤولين اللبنانيين على ان الحكومة العراقية ماضية في تنفيذ التزاماتها تجاه لبنان، لاسيما التي أعلن عنها رئيس الوزراء في قمة بغداد في مايو الماضي للمساعدة في إعمار لبنان، وأنه تقرر فتْح مكتب في السفارة العراقية في بيروت لمتابعة تنفيذ هذه المساعدة من خلال تنظيم العلاقة مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وتحديد الاولويات انطلاقاً من حرص العراق على المساهمة في ترسيخ الاستقرار وتشجيع الجنوبيين على البقاء في أرضهم.

كما استقبل الرئيس عون السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري، الذي أوضح بعد اللقاء، أنه قدّم الى رئيس الجمهورية التهاني لمناسبة حلول الاعياد، وأن الحديث تناول الاوضاع العامة في لبنان والعلاقات اللبنانية- السعودية وسبل تطويرها في المجالات كافة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي