الكويت تحتضن الأسبوع الخليجي الموحد للنزلاء برؤية إنسانية متكاملة
«الداخلية»: المؤسسات الإصلاحية بيئات إصلاح وبناء لا ساحات عقاب
-العميد الماجد: رعاية النزيل وتأهيله مسؤولية وطنية وأخلاقية
-أنس الشاهين: الشراكة المؤسسية ركيزة أساسية لإنجاح برامج التأهيل
-ناصر الشطي: «ساندنا وساندهم» نموذج كويتي يُحتذى في تعزيز الشراكة
-عبدالعزيز الكندري: العمل الخيري يتجاوز الدعم المادي ليشمل بناء الإنسان
-سعد العتيبي: الفعاليات محطة مهمة في مسار العمل الإصلاحي الخليجي
مشهد خليجي متقدم، جسّد التقاء الإصلاح بالإنسان، شهدته الكويت باحتضان الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية بوزارة الداخلية، فعاليات الأسبوع الخليجي الموحّد للنزلاء، الأحد، بحضور رسمي وحقوقي ومجتمعي، عكس نضج التجربة الإصلاحية، وتكامل أدوار المؤسسات الأمنية والحقوقية والمجتمع المدني، في بناء منظومة عدالة أكثر شمولاً وإنسانية.
وأكد المدير العام للإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية بالإنابة، العميد أسامة الماجد، أن رؤية وزارة الداخلية تنطلق من قناعة راسخة بأن المؤسسات الإصلاحية تشكّل فضاءات للتقويم والبناء، وليست مجرد أماكن لتنفيذ العقوبة، مشدداً على أن رعاية النزيل وتأهيله تمثل مسؤولية وطنية وأخلاقية، تسهم مباشرة في تعزيز الأمن والاستقرار المجتمعي.
وأوضح الماجد أن دولة الكويت، بقيادة سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أرست نهجاً إنسانياً ثابتاً يقوم على صون الكرامة الإنسانية، وضمان الحقوق التي كفلها الدستور والقانون، وهو ما تجسّد في التطوير الشامل لمنظومة العمل الإصلاحي، على صعيد البنية التحتية والبرامج التأهيلية والكوادر البشرية.
وبيّن أن «الداخلية» أولت اهتماماً متقدماً بتحديث المؤسسات الإصلاحية، ورفع كفاءة العاملين فيها، وتفعيل برامج التأهيل النفسي والاجتماعي والتربوي والمهني، انطلاقاً من قناعة بأن العدالة تكتمل بإعادة بناء الإنسان وتمكينه من العودة إلى المجتمع بصورة إيجابية.
وأشار إلى توفير حزمة متكاملة من البرامج التعليمية، تشمل محو الأمية، والتعليم النظامي، والتعليم الجامعي عن بُعد، إلى جانب برامج التدريب المهني والحرفي، بما يعزز اعتماد النزلاء على أنفسهم بعد الإفراج عنهم، ويدعم اندماجهم في سوق العمل والمجتمع.
كما لفت إلى أن المؤسسات الإصلاحية تولي عناية خاصة بتقديم الرعاية الصحية المتكاملة، والدعم النفسي والاجتماعي، وتنفيذ البرامج الدينية والتوعوية التي تعزز مفاهيم الوسطية والاعتدال، وتسهم في تصحيح المفاهيم المغلوطة، بما يدعم مسار الإصلاح السلوكي والفكري للنزيل.
نموذج متقدم
من جانبه، أكد رئيس اللجنة الثلاثية لتسيير أعمال الديوان الوطني لحقوق الإنسان، الوزير المفوض أنس الشاهين، أن المشاركة في فعاليات الأسبوع الخليجي الموحد للنزلاء، تأتي في إطار الدور الوطني للديوان في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، لا سيما حقوق نزلاء المؤسسات الإصلاحية، معتبراً هذه الفعالية نموذجاً متقدماً للتكامل بين الجهات الأمنية والحقوقية والاجتماعية.
وأشاد الشاهين بجهود الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية في تطوير بيئة الإصلاح، مؤكداً أن الشراكة المؤسسية بين الجهات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الأكاديمية، والقطاع الخاص، تشكّل ركيزة أساسية لإنجاح برامج التأهيل وتحقيق استدامتها.
القواعد النموذجية
بدوره، أكد ممثل مكتب الأمم المتحدة في البلاد، ناصر الشطي، أن مشاركة المنظمة في هذه الفعالية تعكس تقديرها للتجربة الكويتية الرائدة في مجال الإصلاح والتأهيل، مشيراً إلى أن مبادرة «ساندنا وساندهم» تمثل نموذجاً وطنياً يُحتذى في تعزيز الشراكة بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية.
وأوضح الشطي أن دعم الأمم المتحدة لهذه المبادرة، ينسجم مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء «قواعد نيلسون مانديلا»، وأهداف التنمية المستدامة، ورؤية «كويت جديدة 2035» التي تضع الإنسان في صميم عملية التنمية.
نوافذ الأمل
من جهته، أكد نائب الرئيس التنفيذي لنماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي، عبدالعزيز الكندري، أن مشاركة «نماء» في فعاليات الأسبوع الخليجي الموحد للنزلاء، تأتي انطلاقاً من إيمانها العميق بأن العمل الخيري الحقيقي لا يقتصر على الدعم المادي، بل يمتد ليشمل بناء الإنسان، وتعزيز قدراته، وفتح نوافذ الأمل أمامه ليكون عنصراً فاعلاً في مجتمعه.
وأضاف الكندري أن هذه المشاركة تأتي ضمن شراكة فاعلة مع «الداخلية» والجهات المعنية، وضمن رؤية نماء الخيرية الهادفة إلى دعم برامج التأهيل والإصلاح، وتعزيز مفهوم «الفرصة الثانية»، مشدداً على أن تمكين النزيل هو استثمار حقيقي في أمن المجتمع واستقراره.
مبادرات نوعية
إلى ذلك، أكد رئيس اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية، سعد العتيبي، أن فعاليات الأسبوع تمثل محطة مهمة في مسار العمل الإصلاحي الخليجي المشترك، وتعكس وعي دول التعاون بأهمية تطوير منظومة التأهيل والرعاية داخل المؤسسات الإصلاحية، بما يرسخ البعد الإنساني، ويحفظ كرامة النزيل، ويعزز فرص إعادة دمجه في المجتمع.
وقال العتيبي إن ما شهدته الفعالية من مبادرات نوعية، من بينها إنشاء ملاعب كرة القدم، ومخيم ربيعي، وورش حرفية ومهنية، يؤكد أن الإصلاح لم يعد مفهوماً نظرياً، بل ممارسة عملية تُترجم على أرض الواقع ببرامج تسهم في بناء الإنسان نفسياً وسلوكياً ومهنياً، وتمنحه أدوات حقيقية لبداية جديدة بعد انتهاء فترة العقوبة.
وأشار إلى أن زيارة مخيم السجن العمومي ومخيم النساء تعكس شمولية الرؤية الإصلاحية، وحرص الجهات المشاركة على الوقوف ميدانياً على احتياجات النزلاء والنزيلات، وتقديم برامج تراعي الخصوصية الإنسانية والاجتماعية، وتؤمن بأن العدالة لا تكتمل إلا بالرعاية والاحتواء.
تكريم المانحين
شهدت الفعالية تكريم الجهات المانحة والداعمة للمشاريع الإنشائية داخل المؤسسات الإصلاحية، تقديراً لإسهاماتها في تحسين جودة الخدمات المقدمة للنزلاء، وتعزيز البيئة الإنسانية داخل تلك المؤسسات، ضمن مظلة المبادرة الوطنية «ساندهم».
مشاريع هادفة
افتتحت نماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي، على هامش الفعالية، عدداً من المشاريع داخل المؤسسات الإصلاحية، بينها ملاعب لكرة القدم، ومخيم ربيعي يوفّر بيئة إيجابية داعمة للنزلاء، و ورش حرفية ومهنية، وغيرها من المشاريع الهادفة.