كيف تؤثر أنماط سكر الدم على جودة النوم؟
يعاني ملايين من الأشخاص البالغين من ليالٍ مضطربة يعانون خلالها من أجل النوم المستقر، وتشير أبحاث جديدة إلى أن أطباق عشائهم قد تكون جزءاً من المشكلة.
وباستخدام بيانات مسح وطني من نحو 40 ألف أميركي، ربط علماء بين أنماط سكر الدم وعادات الأكل وجودة النوم. وكان البالغون المصابون بالسكري أكثر عرضة للإبلاغ عن مشكلات النوم ومدة نوم غير طبيعية مقارنة بأولئك الذين لديهم سكر دم طبيعي.
وارتبطت أنماط الأكل منخفضة البروتين، خصوصاً عند دمجها مع تناول عالٍ للدهون، بشدة بالنوم المضطرب أو غير المنتظم.
وقادت العمل الدكتورة رائدة بصيري، في «جامعة جورج ميسون»، وهي جامعة أبحاث عامة في «فيرفاكس» بولاية فرجينيا. ويتمحور بحثها حول إستراتيجيات التغذية الشخصية التي تحسن النتائج للأشخاص المصابين بمقدمات السكري والحالات الأيضية ذات الصلة.
ويجمع هذا العمل بين علوم النوم والاستشارة الغذائية والرعاية الأيضية معاً، بدلاً من معاملتها كمسائل سريرية منفصلة. وسألت الدكتورة بصيري وفريقها عما إذا كانت ملامح سكر الدم المختلفة مرتبطة بمشكلات نوم محددة عبر عموم السكان.
وأراد الباحثون أيضاً معرفة ما إذا كان توازن الكربوهيدرات والبروتينات والدهون في الوجبات اليومية قد يساعد في تفسير تلك الأنماط.
وللإجابة عن هذه الأسئلة، لجأ الباحثون إلى المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية، وهو برنامج فيدرالي يجمع بين الفحوصات الصحية والاختبارات المعملية والمقابلات التفصيلية لتتبع التغذية ومخاطر الأمراض لدى الأميركيين.
ولهذا المشروع، درس الفريق البالغين مع تقارير نوم كاملة واستدعاءات نظام غذائي وهيموغلوبين «إيه 1 سي»، وهو فحص دم يقيس الغلوكوز الطبيعي. وبعد فحوص جودة صارمة، نشر الخبراء تحليلاً استناداً إلى 39794 بالغاً يمثلون ملايين الأشخاص عبر الولايات المتحدة.
ومن بين البالغين، كان أولئك المصابون بالسكري لديهم احتمالات أعلى للنوم القصير والنوم الطويل واضطرابات النوم المشخصة مقارنة بالأشخاص ذوي سكر الدم الطبيعي. وكانوا أيضاً أكثر عرضة للإبلاغ عن صعوبة النوم العامة، حتى بعد احتساب العمر والوزن ومستوى النشاط والعرق.
وأظهر الأشخاص المصابون بمقدمات السكري زيادة أصغر لكن ملحوظة في مشكلات النوم، خصوصاً صعوبة النوم، مقارنة بالبالغين ذوي سكر الدم الطبيعي. وفي المجمل، تشير النتائج إلى ارتباط وثيق بين خلل تنظيم سكر الدم وكمية ونوعية النوم الليلي.
وفحص الفريق بعد ذلك أنماط المغذيات الكبيرة، إذ نظر في مقدار الطاقة التي يحصل عليها الأشخاص من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون في وجباتهم المعتادة. وعرّفوا نمط الأكل المتوازن على أنه البقاء ضمن نطاقات مقبولة على نطاق واسع لكل مغذٍ كبير، ثم قارنوا كل نمط آخر بتلك المجموعة.
وعبر مجموعات سكر الدم، استمر تناول البروتين المنخفض في الظهور كإشارة تحذير، مرتبطة باضطرابات النوم ومدد نوم غير طبيعية. ومن بين البالغين المصابين بالسكري، كان أولئك الذين يتناولون القليل جداً من البروتين لديهم أكثر من ضعف احتمالات الحصول على اضطراب نوم مشخص. ولم يبدُ كل نمط مغذيات كبيرة ضاراً، وأظهر مزيج واحد تلميحات من الحماية في هذا التحليل. وكان الأشخاص الذين كانت وجباتهم منخفضة الكربوهيدرات لكن عالية الدهون أقل عرضة للإبلاغ عن النوم القصير مقارنة بمن يتناولون طعاماً متوازناً مع السكري.
ويبدو أن نمطاً مماثلاً ينطبق على البالغين ذوي سكر الدم الطبيعي، وهو ما يشير إلى أن تقييد الكربوهيدرات قد يقلل من فرص النوم القصير جداً.
وتتناسب هذه النتائج مع أفكار ناشئة بأن خطط الأكل منخفضة الحمل الغلايسيمي يمكن أن تستقر تقلبات سكر الدم الليلية التي قد تجزئ النوم بطريقة أخرى. وجاءت نتيجة واحدة مفاجئة من مقارنة البالغين المصابين بالسكري الذين لديهم مستويات مختلفة من هيموغلوبين «إيه 1 سي». وأولئك الذين كانت قيم «إيه 1 سي» لديهم تقع تحت 6.5 في المئة، وهو ما يُعتبر غالباً سيطرة محكمة، كان لديهم احتمالات أعلى للإبلاغ عن صعوبة النوم مقارنة بمن هم في النطاق.
ويثير النمط أسئلة حول ما إذا كانت خطط العلاج القوية أو انخفاض سكر الدم الليلي أو الآثار الجانبية للأدوية قد تزعج النوم حتى مع تحسن مؤشرات الغلوكوز. وافتقرت مجموعة بصيري إلى معلومات مفصلة عن الأدوية والصحة العقلية، والتصميم المقطعي لا يمكنه فصل تلك التفسيرات بالكامل.
وتتطابق هذه النتائج مع عمل سابق يُظهر أن النوم غير الكافي يزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، حتى بين الأشخاص الذين يتناولون طعاماً جيداً. وفي دراسة جماعية تتابع أكثر من 240 ألف بالغ، وجد الباحثون أن النوم 5 ساعات أو أقل رفع خطر الإصابة بالسكري على الرغم من الوجبات الصحية.
وتسلط مراجعات أخرى الضوء على علاقة ثنائية الاتجاه، حيث يزيد النوم السيئ من مقاومة الأنسولين بينما يمكن للغلوكوز المرتفع أن يعطل بنية النوم. وفي المجمل، تشير هذه الأدلة المتزايدة إلى أن النوم والصحة الأيضية يعززان بعضهما البعض بدلاً من العمل كمسائل منفصلة في نمط الحياة.