لبنان المشدود لِـ «ما بعد الليطاني» يَمْشي «فوق الجمر» والخطوط الحمر
3 مواعيد فاصلة في بيروت وباريس وواشنطن
- «حزب الله»: سَقْطة أخرى وتَنازُل مجاني قدّمتْه السلطة اللبنانية بتسميتها مدني للمشاركة في «الميكانيزم»
- السفير الأميركي عند بري للمرة الثانية في 24 ساعة
لا ينفكّ بَحْرُ «الأسئلةِ المتلاطمةِ» الذي يعوم فوقه لبنان يتمدّد، وسط طلائع موجاتٍ عاتيةٍ من سيناريوهاتٍ سود وكأنها تَسْبق «تسونامي نار» قد ينفجر مع السنة الجديدة أو بعدها بقليل، وربما «ينجو منه» الوطنُ الصغيرُ بـ«معجزة» تَختصر الطريقَ لِما يُراد أن يكون «فجراً جديداً مهما تأخّر فهو آتٍ».
وفي «أَحْدَث» رزم الأسئلة التي تختصر آخِر أيام روزنامة 2025:
هل اقتنعت واشنطن بمنْح لبنان «فرصة جديدة» تمتدّ لِما بعد بداية السنة الطالعة لإنجاز سحْب سلاح «حزب الله» من شمال الليطاني كمحطة ثانية و«أخيرة» لمرحلة جنوب النهر الذي يُفترض أن يُنهي الجيش اللبناني «تطهيرَه» بحلول 31 الجاري كما ورد في خطته التي تبنّتها الحكومة في 5 سبتمبر؟
وهل يَنجح الرئيس دونالد ترامب أولاً بإقناع بنيامين نتنياهو بتعليقٍ ثانٍ للتصعيد الكبير من خارج إطارٍ واضحٍ يَضمن لإسرائيل ألا تتحوّل فترة السماح الجديدة فسحةً للحزب لتجديد «دمه» وترسانته وفق «مضبطة اتهامها» التراكمية له بإحياء قدراته التمويلية والتسليحية منذ إعلان اتفاق وقف الأعمال العدائية (27 نوفمبر 2024)؟
وهل يملك «حزبُ الله» هامشَ مناورةٍ يتيح له التمسكَ برفْض بَحْثِ سلاحه شمال الليطاني خارج حوار داخلي حول الإستراتيجية الدفاعية وبعد وَقْفِ إسرائيل اعتداءاتها وانسحابها وإطلاق الأسرى، أم أن تسليمه الاضطراري بالتفاوض الدبلو-مدني بين لبنان وإسرائيل عبر «الميكانيزم» يَعْني أن تَفاديه قول نعم لا يعني أنه قادر على قول لا «فعلية»؟
وليس خافياً أن هذه الأسئلة ترتبط بـ 3 مواعيد بارزة تطبع الأيام الـ 17 المقبلة الفاصلة عن التسليم والتسلّم بين 2025 و2026، وهي:
- 18 ديسمبر موعد اللقاء الثلاثي الأميركي - الفرنسي - السعودي في باريس بمشاركة قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل لمناقشة الوضع اللبناني وأفق مؤتمر دَعْمِ الجيش الذي أُقر مبدأه ولكن توقيت انعقاده وظروف نجاحه مرتبطة بما سيؤول إليه المسار التنفيذي لسَحْب سلاح «حزب الله».
وفي هذا الإطار لم يكن عابراً أنه بالتوازي مع المناخات التي سادت عن لقاءات الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان في بيروت لجهة تأكيد الترابط بين انعقاد المؤتمر وتحديد الحكومة مساراً تنفيذياً مجدولاً زمنياً لإنهاء سَحْبِ السلاح كما إنجاز الإصلاحات، جاء الشِقُّ المتعلق بلبنان في قانون تفويض الدفاع الوطني الذي أقرّه مجلس النواب الأميركي ليؤكّد هذا الربط ضمناً.
فقد ربط البند المتعلق بلبنان دعم الولايات المتحدة للجيش اللبناني بجهوده لنزع سلاح «حزب الله»، محدداً لوزير الدفاع الأميركي بالتنسيق مع قائد القيادة المركزية الأميركية والتشاور مع وزير الخارجية موعداً أقصاه 30 يونيو 2026 لتقديم تقريرٍ مُلْزِم إلى الكونغرس يقيّم «التقدم الذي أحرزته القوات المسلحة اللبنانية في نزع سلاح (حزب الله)، وخيارات لوقف المساعدات في حال تبيّن أنها غير مستعدة لنزع السلاح».
كما تَضَمَّنَ، وفق ما كشفتْه وسائل إعلام لبنانية وعربية، تفاصيل خطة وزارة الدفاع لتقديم المساعدة للقوات المسلحة اللبنانية «لتعزيز قدراتها بهدف نزع سلاح الجماعة الإرهابية المدعومة من إيران» وعدم جواز «استخدام هذا الدعم إلا لتعزيز قدراتها على مواجهة التهديد الذي يشكّله (حزب الله) اللبناني وأي منظمة إرهابية أخرى تهدد أمن لبنان وجيرانه».
- الموعد الثاني هو 19 الجاري، إذ يُنتظر أن تعقد لجنةُ الإشراف على تطبيق اتفاق 27 نوفمبر 2024 (الميكانيزم) اجتماعها الثاني بصيغتها «المعزَّزة».
وإذ تترقّب أوساطٌ في بيروت هذا الاجتماع بوصْفه سيساهم في تحديد «اتجاهات الريح» الحربية، إبعاداً لها عن لبنان أو تسريعاً، فإن مَصادر مطلعة تَعتبر أن العامل المؤثّر الفعلي في المَسار العسكري الـ «ماكرو» يبقى مآلُ ملفّ سَحْبِ السلاح، على أهميةِ النقاشاتِ التي ستتوغّل فيها «الميكانيزم» بـ «جناحها» المدني - الدبلوماسي في ما خصّ المنطقة الاقتصادية العازلة، والموصولة حُكماً بمصير سكان المناطق الحدودية اللبنانية إلى تفاصيل ذات طابع أمني وعسكري، كما عناوين أخرى تطلّ على «اليوم التالي» للحرب وترسيماته الحدودية و«أخواتها».
وفي الإطار، تكمن أهمية حرص تل أبيب على أن تظهّر «بالنار» أن ملف سلاح «حزب الله» ليس مطروحاً على الطاولة كمادة تفاوض حوله بل بوصفه التزاماً لبنانياً أولاً تريد أن تترجمه بيروت وإلا فعلت ذلك «بيدها»، وهو الأمر الذي بات «اسمه الحركي» فصْل المَساريْن التفاوضي «مع الحكومة اللبنانية» والحربي «مع حزب الله» الذي يتوجّس من هذا الفصل كما عبّر عنه السفيرُ الأميركي في بيروت ميشال عيسى بعد لقائه الأربعاء، رئيس البرلمان نبيه بري قبل أن يعود ويزوره الخميس للمرة الثانية بما عَكَسَ وجود خط تشاور مفتوح مع شريك الحزب في الثنائية الشيعية لإيصال الصورة وتلقيها «كما هي».
- أما الموعد الثالث فهو 29 ديسمبر تاريخ اللقاء المنتظَر بين ترامب ونتنياهو والذي يكتسب أهميتَه كونه يأتي على مشارف انتهاء السنة ومعها المهلة الممنوحة إسرائيلياً لسحب سلاح «حزب الله» قبل «الضغط على الزناد»، في ظل اعتقادٍ بأن الأيام الفاصلة عن هذا التاريخ ستساهم في تظهير «الخيط الأبيض من الأسود» مما سيخلص إليه اللقاء المفصلي، سواء لجهةِ ما قد يقدم عليه لبنان الرسمي على صعيد سَحْبِ المزيد من الذرائع، أو ما يمكن أن يشهده المسارُ البالغ التأثير في خيارات «حزب الله» والمتمثل في «الحرب الخامدة» بين إيران والولايات المتحدة، أو مصير خطة غزة في مرحلتها الثانية والتي «وقّعتها» تل ابيب بإعلان «سحب السلاح من حماس لا تجميده».
وبرز موقفان في الطريق إلى القمة الأميركية - الإسرائيلية:
- ما أوردتْه صحيفة «يديعوت أحرونوت» من أن اللقاء «سيكون حاسماً في تحديد إذا كانت إسرائيل ستحصل على موافقة أميركية لتصعيد كبير في لبنان».
- تصويب كتلة نواب «حزب الله» على «السلطة في لبنان التي ارتكبت سقطة أخرى بتسميتها مدني للمشاركة في لجنة الميكانيزم مخالفة حتّى المواقف الرسمية السابقة التي ربطت مشاركة المدنيين بوقف الأعمال العدائية»، لافتة إلى «أنَّ الدولة اللبنانية قدمت تنازلاً مجانياً لن يوقف العدوان، لأن إسرائيل تريد إبقاء لبنان تحت النار بتغطية ودعم من الولايات المتحدة».
واعتبرت «أن الفرصة مازالت متاحة بيد السلطة اللبنانية لفرملة تنازلاتها المجانية المتسارعة أمام العدو من خلال حزم أمرها واشتراط التزام العدو بالاتفاق أولاً».
في موازاة ذلك، كان بري وخلال استقباله مجلس نقابة الصحافة يؤكد أن الجيش نفذ 90 في المئة من بنود اتفاق وقف اطلاق النار في جنوب الليطاني وسينجز بشكل تام ما تبقى مع انتهاء العام الجاري.
وعن التهديدات التي يطلقها بعض الديبلوماسيين، خصوصاً ما صدر أكثر من مرة عن الموفد الأميركي توم براك لجهة ضم لبنان إلى سوريا، قال«ما حدا يهدد اللبنانيين، ولايعقل أن يتم التخاطب مع اللبنانيين بهذه اللغة على الإطلاق، ولا سيما من شخصية كشخصية السفير براك، وما قاله عن ضم لبنان إلى سوريا غلطة كبيرة غير مقبولة على الإطلاق».