السفير الأميركي: إسرائيل في مفاوضاتٍ مع الحكومة وحرب مع «حزب الله»

31 ديسمبر اللبناني... آخِر السنة وآخِر الفرص لحصْر السلاح شمال الليطاني؟

بري مستقبلاً عيسى وغابرييل في عين التينة
بري مستقبلاً عيسى وغابرييل في عين التينة
تصغير
تكبير

- لودريان: مشاركة أصدقاء لبنان في مؤتمر لدعم جيشه مرهونة بمهلة زمنية لحصر السلاح تلتزم بها الدولة

يَحْكُمُ الفترةَ الفاصلةَ عن نهاية السنة في لبنان وَهْجان هما واقعياً وَجْهان للمنعطف الأخطر الذي تقف «بلاد الأرز» أمامه والذي تقاربه كلّ من اسرائيل و«حزب الله» وفق سلّة أهداف هجومية ودفاعية تتشابك مع الواقع الجيو- سياسي المتحوّل في منطقةٍ بدأت منذ عام تحصد نتائج «رياح التغيير» التي هَبَّتْ من تداعيات «طوفان الأقصى» بتأثيراتها الأقرب إلى الزلزال الذي شهدتْه اوروبا الشرقية أواخر الثمانينات من القرن الماضي.

ويتلاقى الوَهْجان عند موعدٍ بات مفصلياً في الروزنامة اللبنانية والإقليمية وهو 31 الجاري، التاريخ الذي حدّده الجيشُ اللبناني لانتهاء المرحلة الأولى من خطة سَحْبِ سلاح «حزب الله» والتي تشمل جنوب الليطاني، وصار محطَّ رَصْدٍ أميركي وغربي - عربي لِما بعده في ضوء تَحَفُّزٍ اسرائيلي خطير لـ «الخطوة التالية» في شمال الليطاني وتَوَجُّسٍ من الحزب كبير بإزاء احتمال تَدَحْرُج «دومينو» تفكيك ترسانته إلى ما «بعد النهرين» (الليطاني والأولي).

- الوهجُ الأول هو الحربُ الواسعة التي تَقرع طبولَها اسرائيل وتشيع أنها «أرجأتْها» لِما بعد عيديْ الميلاد ورأس السنة، انسجاماً مع ضغوطٍ أميركية تَمَحْوَرَتْ حول إعطاء فرصة لبيروت لإنهاء المرحلة الأولى من خطة الجيش وانكشاف ما ستعتمده بعدها لسَحْب سلاح «حزب الله» شمال الليطاني، وهي الضغوط التي دفعتْ تل أبيب أيضاً لملاقاة مطلب واشنطن بإطلاق مفاوضاتٍ مدنية كانت «بلاد الأرز» وافقتْ عليها ولكن الدولة العبرية أدارتْ لها «الأُذن الصماء»، إلى أن حَصَلَ الاختراقُ بتكليفِ لبنان السفير السابق سيمون كرم ترؤس وفده الى اجتماعاتِ لجنة «الميكانيزم» وإيفاد اسرائيل المدير الأعلى للسياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي يوري رسنيك إليها.

- والوهج الثاني هو الخوف الرسمي اللبناني والتخويف مِن قِبل «حزب الله» من صِدام داخلي إذا فَرَضَتْ ديناميةُ المخاطر المتصاعدة انتقالَ «كاسحة الألغام» إلى شمال الليطاني الذي يرسم حوله الحزب، وبخلفيات مربوطة بالأجندة الإيرانية، خطوطاً حمر بعناوين عدة بينها أن السلاح خارج جنوب الليطاني مرهون فقط بنقاشٍ داخلي حول استراتيجية دفاعية وأن هذا النقاش لا يبدأ قبل انسحاب اسرائيل ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى، قاطعاً الطريق أيضاً حتى الساعة على خياراتٍ «نص نص» مثل احتواء ترسانته شمال النهر أو تجميدها أو إبقائها في مستودعات على أن تكون «المفاتيح» في يد الدولة أو جهة دولية أخرى، أو الانسحاب إلى ما وراء النهرين (اي الأولي أيضاً) أو تسليم أسلحته الاستراتيجية (الصواريخ البالستية والمسيّرات).

وترى أوساط مطلعة أن ثمة إشاراتٍ إلى أن تل ابيب كما واشنطن - وإن مع تبايناتٍ بينهما حيال الحرب التي تتحمّس لها اسرائيل ولا تحبّذها الولايات المتحدة – أن وَهْجَ التهديد بالحرب بدأ يترك تداعياتٍ يمكن أن تستجرّ المزيدَ من الاختراقاتِ التي ربما تُبدّد شبحَ الانفجار الكبير أو أقلّه تَحصر أضرارَه و«أهدافه» في حال لم يكن مفرّ من تدخل على طريقة «آخر الدواء الكيّ».

ويسود رهانٍ في هذا الإطار على أن لبنان الرسمي يدرك تماماً ما هو على المحكّ في حال توقّف مسار سحب السلاح عند جنوب الليطاني، وأنه انطلاقاً من ذلك يُعْلي رغبةً في تجنيب زجّ البلاد في فوهة حربٍ لا يريدها وهو ما جَعَلَ بيروت تعزّز مستوى التمثيل في «الميكانيزم» إلى مستوى دبلو- مدني غير مسبوق منذ عقود لتسليف واشنطن أداةَ لَجْمٍ لاسرائيل، في الوقت الذي تحاول ايضاً أن توازن بين عدم الانزلاق إلى دائرة نار حارقة وعدم تسخين «الحرب الباردة» الداخلية مع «حزب الله».

«وهج الحرب»

ولم يكن عابراً أن يَمْضي السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى، في تَظهير أن «وَهْجَ الحرب» ما زال ماثلاً على الطاولة، عبر إزالة أي التباسٍ يسود حيال مفاعيل مفاوضات «الميكانيزم المعززة» التي تجتمع مجدّداً في 19 الجاري بصيغتها «المحدَّثة» وذلك عبر تأكيده أن اسرائيل تفرّق «بين المفاوضات مع الحكومة اللبنانية وحربها المستمرّة ضد حزب الله»، وهي الإشارة التي تؤكد «فصل المساريْن» الديبلوماسي والحربي وأن الأوّل وفّر على الأرجح «حماية» للدولة في أي مواجهةٍ يمكن أن تندلع.

وقال عيسى بعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس مجموعة العمل الأميركية لأجل لبنان( ATFL) السفير إدوارد غابرييل: «بالنسبة للمفاوضات التي تحصل الآن علينا ألا نحكم على الأمور أو ان نعطي لها الأهمية منذ اليوم الأول، وكما سبق وقلت منذ يومين علينا أن نفتح الأبواب وليعط كل واحد رأيه (...) المفاوضات بدأت وهذا لا يعني أن إسرائيل ستتوقف وهم يعتقدون أن الأمرين منفصلان وبعيدان عن بعضهما البعض، وأعتقد أنه يمكن من خلال التفاوض تقريب وجهات النظر».

وحول زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل لأميركا بعدما ألغيت مواعيده قبل نحو 3 أسابيع، قال: «ما زلنا نعمل عليها وليس لدي تاريخ محدد متى، ولكن أعتقد أنها ستحصل، وأنا برأيي أن قائد الجيش لديه رسالة للاميركيين ومن الأفضل أن يوصلها ويقولها بنفسه».

وعن انتهاء المرحلة الاولى لتسلّم الجيش منطقة جنوب الليطاني، رد «نحن ننتظر كما يقال أن جنوب الليطاني سيكون تحت سلطة الجيش وهذا أمر جيد وآمل أن يصدر هذا القرار من الحكومة وليس فقط من قائد الجيش».

أما وَهْجُ التخويف الذي يعتمده «حزب الله» مما بعد 31 ديسمبر كالحرب الأهلية أو الفوضى، فيتبلور تباعاً عبر مواقف «تذكيرية» بأنّ مرجعية التفاوض مع اسرائيل هي القرار 1701 المحصور بجنوب الليطاني واتفاق 27 نوفمبر 2024 الذي يفسّر الحزب على أنه يشمل أيضاً وفقط جنوب النهر، وصولاً إلى رفض مبادرة تلو الأخرى ولا سيما من مصر التي اقترحتْ مَخارج عدّة لمرحلة شمال الليطاني التي لم تُكشف تفاصيلها التي وردت في خطة الجيش لتنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة، علماً أن وزراء كانوا أعلنوا أن المرحلة الثانية بعد جنوب الليطاني «تشمل المنطقة الواقعة جنوب نهر الأولي، في إطار التدرّج الجغرافي لضمان التنفيذ المنهجي والآمن».

وفي هذا الوقت يسود الترقب لما سيقوم به لبنان الرسمي بعد نهاية السنة وهل سيكون قادراً على شراء المزيد من الوقت وإبعاد «الكأس المُرة» للحرب، ما لم تقدّم اسرائيل شيئاً ما يساعد في بَرْمَجِة خطةِ لشمال الليطاني، مثل الانسحابِ من تلة أو اثنتين أو أقله التعهدّ العلني بذلك.

سلام

في موازاة ذلك، أكد رئيس الحكومة نواف سلام «أن الدولة اللبنانية وحدها يجب أن تملك السلاح داخل أراضيها، وأنها وحدها من يملك قرار الحرب والسلم».

وقال في مقال نُشر في صحيفة «فاينانشال تايمز» إن الحكومة «أصدرت في 5 أغسطس الماضي تعليمات للجيش بوضع خطة شاملة لحصر السلاح بيد الدولة، وفي الشهر التالي أُقرّت الخطة التي تنص في مرحلتها الأولى على مهلة ثلاثة أشهر لضمان احتكار الدولة للسلاح جنوب الليطاني واحتوائه في بقية المناطق». وأشار إلى «تعزيز الأمن في مطار بيروت والمعابر الحدودية، وتفكيك مئات المستودعات والأسلحة غير المشروعة وشبكات التهريب».

وإذ شدد على «التزام لبنان بقرارات مجلس الأمن وإعلان وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل»، اتهم الأخيرة «بالاستمرار في انتهاك السيادة واحتلال خمسة مواقع في الجنوب واحتجاز مواطنين لبنانيين»، محذراً من أن«هذه الانتهاكات تُضعف جهود بسط سلطة الدولة وتغذي احتمالات تجدد الصراع».

لودريان

ولم يحجب هذا المناخ الأنظار عن مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان - إيف لودريان الذي أفادت تقارير أنه أبلغ الى من التقاهم في بيروت وجوب الإسراع في حصر السلاح بيد الدولة والتزام مهلة لتحقيق ذلك و«أن مرحلة الوعود انتهت والآن مرحلة التنفيذ» وأن أي مؤتمر لدعم الجيش اللبناني ومشاركة أصدقاء لبنان فيه مرهونة بترجمة حصر السلاح.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي