متخصصون يفكّكون انتشار الظاهرة وما إذا كانت تطوراً طبياً أم مبالغة
«إبرة السلمون»... هل تمنح البشرة شباباً فعلياً؟
تحوّلت حقن السلمون خلال السنوات الأخيرة إلى واحدة من أكثر الإجراءات التجميلية تداولاً، حتى باتت تشبه «موضة تجميلية» تتسابق كثير من السيدات لتجربتها بحثاً عن بشرة أكثر نضارة وشباباً.
وبينما تُسوَّق هذه التقنية على أنها علاج مفعوله سريع يمنح الجلد حيوية استثنائية، تبرز أسئلة ضرورية حول فعاليتها العلمية، مستويات أمانها، ومدى اختلافها عن الوسائل التجميلية الأكثر شيوعاً؛ مثل البلازما والهيالورونيك أسيد.
«الراي» استعرضت آراء نخبة من أطباء الجلدية والتجميل للكشف عن الصورة العلمية الحقيقية لهذه الحقن، بعيداً عن لغة التسويق وضجيج المنصات.
الحشاش: استخدام طبي قديم... دخل التجميل لاحقاً
قال أخصائي الأمراض الجلدية والليزر والتجميل وزراعة الشعر الدكتور عمر الحشاش، إن «هذا العلاج لم يُطوّر في الأصل لأغراض تجميلية، بل استخدم أولاً في المجال الطبي لعلاج الجروح المزمنة والحروق ودعم ترميم الأنسجة، ودخوله عالم التجميل جاء لاحقاً كاستخدام توسعي، وهو ما يفسر محدودية الدراسات التجميلية مقارنة بالعلاجات الراسخة مثل الهيالورونيك أسيد أو البلازما».
ولفت إلى أن «ليس كل ما يُباع تحت اسم Salmon DNA يحتوي فعلاً على نسب عالية من المادة الفعالة، فبعض المنتجات تعتمد على بروتينات بحرية عامة، وبعضها يحتوي على تركيزات ضئيلة جداً من الحمض النووي، وهذا يفسر التفاوت الكبير بين النتائج من منتج لآخر، ويكشف جانباً من التسويق الذي يسبق العلم أحياناً».
وأضاف الحشاش: «لفهم موقع هذه الحقن بين العلاجات التجميلية الأخرى، لا بد من توضيح الفوارق الأساسية؛ فحقن البلازما تعتمد على عوامل النمو من دم المريض نفسه ما يجعلها علاجاً محفزاً بيولوجياً لإصلاح الخلايا، أما الهيالورونيك أسيد فهو مادة تستخدم للترطيب العميق والامتلاء وتحسين مظهر الخطوط.
وفي المقابل تعمل حقن السلمون على دعم آليات إصلاح الجلد عبر الحمض النووي دون أن تمنح امتلاء كالهيالورونيك أو تحفيزاً قوياً كالـPRP، وبالتالي تُصنّف كخيار داعم لتحسين جودة الجلد وليس بديلاً رئيسياً عن هذه العلاجات».
وأوضح أن «بين ثلاث إلى أربع جلسات يمكن أن تبرز نتائج مقبولة، لكنها تبقى بعيدة عن المعجزات التي تُروّج لها بعض المنصات».
المطيري: تقنيات واعدة... وليست معجزة
قال أخصائي الجلدية والتجميل الدكتور أحمد العليم المطيري، إن «ما يُعرف تجميلياً باسم حقن السلمون،هو في الواقع الاسم الشائع لمادة البولينيوكليوتايد، وهي مركبات تستخلص من سمك السلمون أو التروت بعد عمليات تنقية دقيقة».
وأضاف المطيري: «مازلنا نتحدث عن تقنيات واعدة وليست معجزة، وأعداد المرضى في الدراسات غالباً متوسطة، والمتابعة طويلة المدى محدودة، نظراً لأنها تُعتبر تقنية حديثة نوعاً ما خصوصاً في منطقتنا في الوطن العربي، ولانزال نحتاج إلى المزيد من الأبحاث المستقلة».
ولفت إلى «دراسات علمية موثقة تدعم فعالية هذه الحقن وتشير إلى قدرتها على تحسين جودة الجلد، وآثار الجروح والعمليات، وكذلك ندبات حب الشباب، وتحسين التجاعيد وتجديد المنطقة حول العين أو ما يُعرف بمشكلة الهالات، إضافة إلى تأثير إيجابي في بعض حالات تساقط الشعر».
أما عن السلامة، فأوضح المطيري أن آثارها الجانبية «بسيطة في الغالب وتشمل احمراراً وتورماً محدوداً وكدمات خفيفة، مع احتمال نادر للحساسية خاصة لدى مَنْ لديهم حساسية من الأسماك، كما لا يُنصح باستخدامها للحوامل والمرضعات لعدم وجود دراسات كافية».
العدواني: نضارة موقتة... تحتاج تكراراً
يرى طبيب الجلدية الدكتور محمد العدواني، أن «إبرة السلمون هي أحد التطورات الحديثة في عالم تحسين جودة الجلد ومشكلات البشرة مثل التجاعيد والجفاف والتصبغات والهالات السوداء، نظراً لقدرتها على تحسين الملمس وإضفاء حيوية ولمعان طبيعي».
في المقابل، بيّن أن «هذه الإبر موقتة وتحتاج إلى تكرار دوري للحفاظ على النتائج، كما أنها غير مناسبة للحوامل والمرضعات أو لمَنْ يعانون من حساسية تجاه بروتينات السلمون».
وعن طريقة الإجراء، ذكر أن «هذه الإبرة تُجرى داخل العيادة خلال 5–10 دقائق، مع احتمال استخدام التخدير الموضعي، ولا يحتاج المريض لفترة نقاهة، بينما تبدأ النتائج بالظهور خلال أيام».
وأشار العدواني إلى أن من فوائدها «تحسين مظهر البشرة الباهتة، وتقليل الخطوط الدقيقة والتجاعيد، وترطيب الجلد بعمق، وتحفيز تجديد الخلايا، كما أنها مناسبة لجميع أنواع البشرة، وتُستخدم أيضاً بعد جلسات الليزر لتحسين نتائجها وتعزيز الترطيب العميق وتجديد الخلايا».
أبوزيد: اسم تسويقي... بأدلة علمية محدودة
أكد رئيس ومؤسس المؤتمر الدولي للتجميل ICCE ورئيس الجمعية المصرية VENUS واستشاري جراحة التجميل في الكويت ومصر الدكتور محمد أبوزيد، أن «حقن السلمون هي اسم تسويقي لمنتجات تُحقن في الجلد أو في فروة الرأس، تحتوي عادة على بولي نيوكليوتيدات PDRN وهي مشتقة غالباً من سمك السلمون أو سمك آخر».
أما في ما يخص الدراسات العلمية، أوضح أبوزيد أن «الأدلة الحالية واعدة ولكن محدودة، إذ توجد دراسات صغيرة ومتوسطة تثبت فعاليتها في الندبات والتجاعيد والالتهابات الجلدية وتساقط الشعر، لكنها لاتزال أقل قوة مقارنة بالهيالورونيك أسيد أو البلازما».
وشدّد على «ضرورة الحرص في اختيار الطبيب، وسؤال المريض عن أي تاريخ للحساسية تجاه الأسماك، إضافة إلى التأكد من مصدر المنتج وتركيزه. كما ينصح بالتقاط صور قبل وبعد الجلسات لتقييم النتائج بدقة».
ورأى أبوزيد أن «سبب انتشارها مرتبط برغبة المرضى في الحصول على نضارة وشباب دون اللجوء إلى الفيلرز، التي قد تعطي أحياناً امتلاءً مبالغاً فيه».