عالمة أعصاب تحل لغز تقسيم ومعالجة الدماغ البشري للغات
كشفت الدكتورة إيلينا بيرن، عالمة الأعصاب المتخصصة في اللغويات لدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) بالولايات المتحدة، عن نتائج بحثية رائدة توضح الآلية التي يستخدمها الدماغ البشري لتقسيم وفهم اللغات المختلفة، حتى تلك التي لم يتعرض لها الفرد من قبل.
وطبقت الدراسة على 50 متطوعاً ثنائيي وثلاثيي اللغة، باستخدام تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي عالي الدقة، حيث اكتشفت وجود شبكتين متوازيتين في الفص الصدغي الأيسر تتعاملان مع البنية النحوية والمفردات كل على حدة.
ووفقاً للبحث، فإن الشبكة الأولى المسماة «الشبكة التركيبية السريعة» تتفاعل في غضون 200 مللي ثانية مع القواعد النحوية الأساسية، بغض النظر عن اللغة، بينما تختص الشبكة الثانية «شبكة المعجم الدلالي» بتحليل المفردات والسياق اللغوي خلال 400-600 مللي ثانية.
والأهم من ذلك، أن هاتين الشبكتين تعملان بتنسيق متكامل عند مواجهة لغة جديدة، ما يسمح للدماغ باستقراء قواعدها من خلال المقارنة مع الأنماط اللغوية المخزنة مسبقاً.
وأسفرت الدراسة عن الاكتشافات الآتية:
• قدرة الدماغ على تمييز البنية النحوية للغة غير مألوفة خلال ثانيتين فقط من الاستماع.
• استخدام المناطق الحركية في الدماغ لتحليل نبرة الصوت وإيقاع الكلام في اللغات التنغيمية مثل الصينية.
• تفعيل الحصين (Hippocampus) لتكوين ذكريات لغوية جديدة حتى عند البالغين.
• وجود «مفتاح لغوي» (Language Switch) في القشرة أمام الجبهية يتحول بين اللغات بسلاسة.
وأوضحت الدكتورة بيرن أن هذه النتائج تفسر سبب تعلم الأطفال للغات بسهولة، حيث إن الشبكة التركيبية تكون في ذروة نشاطها حتى سن السابعة، بينما تبقى الشبكة الدلالية مرنة طوال الحياة.
كما أن البحث يقدم أدلة على أن تعلم لغات متعددة لا يسبب «تشويشاً» للدماغ، بل على العكس يعزز كفاءته في ترشيح المعلومات غير الضرورية.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن هذه الآليات قد تكون مرتبطة باضطرابات اللغة مثل عسر القراءة (Dyslexia) أو فقدان القدرة على الكلام (Aphasia)، حيث لوحظ خلل في تزامن الشبكتين لدى المصابين.
واختتمت دكتورة بيرن بأن فهم هذه العمليات يمكن أن يقود إلى تطوير طرق تعليمية أكثر فعالية، وأدوات تشخيصية دقيقة للاضطرابات اللغوية.