سلام التقى فيدان في الدوحة... وعون يزور عُمان

لبنان بين إغرائه بـ «السلام الاقتصادي»... وإغراقه بأثمان الحرب على السلاح

مصافحة بين سلام وفيدان على هامش منتدى الدوحة
مصافحة بين سلام وفيدان على هامش منتدى الدوحة
تصغير
تكبير

- سلام: إسرائيل تشنّ حرب استنزاف وبالتالي لسنا في وضعية سلام

تزداد المؤشراتُ المتقاطعةُ إلى أن لبنان ربما يكون نَجَحَ عبر خطوة رَفْعِ مستوى التمثيل في لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف النار مع إسرائيل من العسكري إلى المدني - الدبلوماسي في شراءِ فسحةٍ زمنيةٍ «موقوتة» حتى نهاية السنة أو أوائل 2026، فإما يكون تَبَلْوَر خلالها أُفُقٌ اقليمي - دولي يصيب وَهْجُه ملف سَحْبِ سلاح «حزب الله» بحيث «تنجو» البلادُ من «الانفجارِ الأخير»، وإما يحلّ «الكابوسُ» في حال أصرّ الحزب ومن خلْفه إيران على إبقاء الوطن الصغير أسير مقتضياتِ «حرب البقاء» التي باتت طهران تخوضها سواء حِفْظاً لـ «رأسها» أو لِما بقي من «محور الممانعة» الذي دخل منذ عام مرحلة الضمور الكبير.

وبات واضحاً أن تعيينَ رئيس الجمهورية العماد جوزف عون للسفير السابق لدى واشنطن سيمون كرم رئيساً لوفد لبنان إلى لجنة «الميكانيزم» وفّر لإدارة الرئيس دونالد ترامب «بطاقة خَفْضِ تصعيدٍ» سارَعَ لاستخدامها مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وبوجهه على قاعدة استنفاذ مهلةِ 31 ديسمبر بوصْفِها الأخيرة الممنوحة لبيروت لإنجاز تفكيك ترسانته ليس من جنوب الليطاني فقط، كما تنص المرحلة الأولى من خطة الجيش اللبناني، بل من شماله أيضاً وإلا عادت تل أبيب للخيار العسكري الموسّع.

ورغم أن هذا المناخَ يَعْني واقعياً أن شَبَح الحرب الجديدة ابتَعد ولم يتبدّد - ما لم تحصل أي مفاجأة ميدانية تقلب الأمور والتقديرات - إلا أن أوساطاً سياسية ترى أنّ الأسابيع الثلاثة المقبلة ستشكل محكاً للمنطقة برمّتها وليس فقط لبنان، رَبْطاً بمآلاتِ المرحلة الثانية من خطة غزة وهل «ستقلع» كما بالمعطيات التي برزت عن أن واشنطن تعمل لإعادة تشكيل الإقليم على قواعد «سلام اقتصادي»، ركيزته الطاقة (الغاز والنفط) والتكنولوجيا.

على أن هذا لا يُسْقِط «موجبات» التحمية العسكرية بعد 31 ديسمبر، في ضوء الأبعاد الجيو - سياسية التي تُعطى لـ «البناء الاقتصادي» الذي يَرْسم له الرئيس الأميركي في البحر وثرواته، وأطلّ عليه نتنياهو بإغراقه الجولة الأولى من التفاوض ما فوق عسكري بين لبنان وإسرائيل في الناقورة بعناوين مثل «التعاون الاقتصادي» الذي بدا «الاسم الحَرَكي» لـ «منطقة ترامب الاقتصادية» داخل الأراضي اللبنانية الحدودية كبديلٍ «تجميلي» عن الشريط العازل الذي تتمسك به تل أبيب بدءاً من جنوب سوريا.

وفي هذه النقطة يتحوّل «حزب الله» وسلاحه ليس عائقاً فقط أمام ضمان تل أبيب أمنها، بل حتى حَجَر عَثَرَةٍ بوجهِ ما أسماه موقع «اكسيوس»، «السلام الدافئ» الذي يُعمل عليه وتدفع واشنطن في اتجاهه.

ولم يكن عابراً 3 تطورات في المقلب الاسرائيلي:

- الأول ما نقلتْه صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر سياسية إسرائيلية من أن ترامب أوصى نتنياهو بالانتقال من لغة التهديدات العسكرية إلى المسار الدبلوماسي في كل من غزة ولبنان وسوريا.

وأبلغت مصادر ديبلوماسية إلى الصحيفة نفسها أن المهلة التي منحها ترامب للبنان من أجل تجريد «حزب الله» من سلاحه تنتهي في 31 ديسمبر، وأن إسرائيل أبلغت بيروت أنه في حال عدم نزع السلاح سيتم اللجوء إلى تصعيد عسكري.

وفي السياق نفسه، نقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية أن ترامب دخل مباشرة على خط الوساطة لمحاولة منع تصعيد واسع في لبنان، وأخرى أمنية عبرية ان الجيش اللبناني «نجح تقريباً في إخلاء جنوب لبنان من وجود حزب الله»، وأن الجيش الإسرائيلي أوصى نتنياهو بـ «تغليب الدبلوماسية» بعد «تحقيق الأهداف» في لبنان وإيران وسوريا.

- والثاني ميداني حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أنه تم تدمير فتحة نفق ومخزن للوسائل القتالية كانا يُستخدمان من الحزب في بلدتي حولا وعيتا الشعب، جنوباً.

- والثالث تقارير في وسائل إعلام اسرائيلية نقلت عن مسؤولين في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) أن الحكومة في لبنان «أضاعت الفرصة التي نشأت بعد الحرب الأخيرة في لبنان، والإنجازات التي حققها الجيش الإسرائيلي لنزع سلاح حزب الله».

ونقل موقع «واللا نيوز» أن النظام الإيراني ضخ مئات ملايين الدولارات بطرق مختلفة لإعادة تأهيل قدرات حزب الله العسكرية، زاعماً أن«الحزب نجح في اختراق الجيش اللبناني وزرع عناصره داخله، والتأثير على السياسات، بل والضغط على الحكومة الجديدة التي خيّبت آمال الغرب».

«الأمر لي»

في هذا الوقت، كرّرت طهران توجيه إشاراتٍ، اعتبرتها أوساط على خصومة مع«حزب الله»، بمثابة إعلان«الأمر لي»، عبر الحزب، في ملف سلاحه.

وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي،«أننا لا نتدخل إطلاقًا في الشؤون الداخلية للبنان». وقال إنّ«حزب الله راسخ وفاعل في المجتمع اللبناني، وهو يقرر بنفسه في شأن سلوكه وسياساته».

وفي إسنادٍ ضمني لموقف«حزب الله»المتمسك بربط مناقشة سلاحه شمال الليطاني بحوار داخلي حول الاستراتيجية الدفاعية، اعتبر بقائي أنّ«اتخاذ القرارات في شأن قضايا لبنان، ومنها قضية الاستراتيجية الدفاعية، يجب أن يتم عبر الحوار ومن خلال التفاهم بين مختلف مكونات لبنان، ومسألة سلاح المقاومة هي أيضاً من القضايا التي يجب أن يقرر بشأنها لبنان نفسه، بما في ذلك حزب الله».

وفي موازاة استعداد لبنان لاستقبال الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف - لودريان، حيث سيجري حتى الاربعاء جولة محادثات مع المسؤولين اللبنانيين تتناول ملف الحزب والإصلاحات، يقوم عون بزيارة رسمية إلى سلطنة عُمان، الثلاثاء، بدعوةٍ من السلطان هيثم بن طارق.

«حرب استنزاف»

ولم تحجب هذه التطورات الأنظار عن زيارة رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام لقطر حيث شارك في منتدى الدوحة، والتقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وبحث معه في الأوضاع في لبنان، إضافة إلى التطوّرات في سوريا والمنطقة، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وفي مداخلة له أمام المنتدى، الأحد، أكد سلام أن «إسرائيل تشنّ حرب استنزاف وبالتالي لسنا في وضعية سلام»، مشيراً إلى أن«الجانب الإسرائيلي لم يلتزم باتفاق وقف الأعمال العدائية المبرم قبل نحو عام».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي