قياديو الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أكدوا لـ«الراي» أن القانون الجديد مطلب ضروري لتحقيق الردع
الذكاء الاصطناعي يُحاصر تُجار ومُروّجي المخدرات
مع قرب دخول قانون المخدرات الجديد 159 لسنة 2025، حيز التفيذ في 15 من الشهر الجاري، يقترب موعد تحقيق الردع لكل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد ومصائر شبابها، حيث تسد مواد القانون الجديد جميع الثغرات التي كان ينفذ منها التجار والمروجون، وحتى المتعاطون الذين لم تجد معهم طرق العلاج والتعافي من الآفة، ويصرون على الاستمرار في طريق الهلاك.
«الراي» تلقي الضوء على القانون الجديد، وما يحققه من ردع لكل من يتعامل بهذا الملف، من مهربين وتجار ومروجين وحتى المتعاطين، من خلال اللقاء مع مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات العميد محمد قبازرد، ومساعديه العميد الشيخ حمد الصباح، والمقدم محمد مناور، فتناولوا ما تتضمنه مواد القانون من عقوبات رادعة، سدّ كل ثغرات القانون السابق، وعملت على تحصين المجتمع من الآفة والمجرمين الذين يسعون لترويجها بين أفراده، حيث تضمنت تلك المواد عقوبات رادعة تصل إلى «حبل المشنقة» في حالات عدة، وهي عقوبات كفيلة بأن تدفع من يتعامل مع المخدرات إلى التفكير كثيراً قبل استئناف نشاطه، والمغامرة بحياته.
المسؤولون أشاروا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في متابعة البيانات وتحليلها، لرصد المجرمين وتجار المخدرات والمروجين في البلاد. كما تطرقوا إلى ما تضمنه القانون من جوانب تتعلق بعلاج المدمنين ومنحهم فرصاً للعودة إلى حياتهم الطبيعية، إضافة إلى موضوع التبليغ عن المتعاطين، ليصار إلى إلحاقهم ببرامج تعافٍ وبشكل سري حفاظاً على سمعتهم ومستقبلهم الاجتماعي والوظيفي. ووجهوا رسائل توعوية، للجميع بضرورة الوعي وعدم الانزلاق في هذا الطريق المظلم، في ظل الحزم الذي تضمنه القانون، كما لفتوا نظر الأسر إلى ضرورة متابعة أبنائهم.
ويأتي قرب سريان القانون الجديد، فيما أظهرت إحصائية للإدارة العامة للمخدرات بعدد قضايا المخدرات ومتهميها ومضبوطاتها، خلال 3 سنوات، هي 2023، و2024، و2025 (حتى 1 ديسمبر)، أن عدد القضايا خلال الفترة المذكورة بلغ 9754 قضية، حوكم فيها 11136 متهماً، أبعد منهم 3329 وافداً، فيما شملت المضبوطات 9.59 طن مواد مخدرة و45 مليون حبة مؤثرات عقلية.
العميد قبازرد مُحذراً تجار السموم: سنضرب بيد من حديد.. بلا رأفة ولا رحمة
- القانون يُتيح لنا أمر تسليم المتهمين مع الدول وتتبع الشحنات ومراقبتها وضبط من يستقبلها
- بسبب عقوبتها المخففة سابقاً اتجه التجار إلى ترويج المؤثرات العقلية وتركوا الحشيش
- القانون الجديد عالج كل ثغرة كان المُهرّب أو المُروّج ينفذ منها للإفلات
- تغليظ العقوبة إلى المؤبد أو الإعدام سيردع من تسول له نفسه الإضرار بالبلاد والمجتمع
- رفع الغرامات لتصل في بعض الحالات إلى مليوني دينار في قضايا الجلب والاتجار
أكد مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات العميد محمد قبازرد أن «تعديل قانون مكافحة المخدرات كان مطلباً ضرورياً لردع تجار ومروجي ومهربي ومتعاطي المخدرات، حيث سد كافة الثغرات القانونية، ويمثل بالنسبة لنا في إدارة مكافحة المخدرات قانوناً مستحقاً، استدرك أموراً كنا نعاني منها في السابق، لدى التعامل مع مواد الشبو والكيميكال والمؤثرات العقلية، وهي مواد أشد خطورة من المخدرات، وكانت عقوبتها بالسابق الحبس من 10 إلى 15 سنة، وهي عقوبة غير رادعة، فاتجه لها غالبية تجار المخدرات، بسبب عقوبتها البسيطة وتركوا تهريب الحشيش».
وقال قبازرد، في لقاء مع «الراي»، إنه «بعد الإحصائيات الكبيرة في ضبط الكميات الكبيرة من المؤثرات العقلية، تم إعداد تقارير رسمية، ورفعها لوزارة الداخلية، حيث قام النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، مشكوراً، بتشكيل لجنة من عدة جهات حكومية، حتى وصلنا إلى هذا القانون الجديد، الذي يتضمن 84 مادة، عالجت كافة حالات القصور القانونية والسلبيات التي كان يستطيع المهرب أو المروج الإفلات من عقوبة الإعدام، واليوم سيلتف حبل المشنقة حول رقابهم ولن يفلتوا من العقاب، خصوصاً أن قانون المخدرات قديم، ومضى عليه نحو أكثر من 30 عاماً، وهو لا يتماشى مع المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية التي استحدثت أخيراً».
دمج
وذكر العميد قبازرد أن «أبرز ما جاء في القانون دمج المواد، سواء في المخدرات أو المؤثرات العقلية في جدول واحد وعقوبة واحدة وأحكامها جميعها موحدة، حيث أصبحت عقوبة تهريب أو ترويج أو حيازة المؤثرات العقلية، تصل إلى المؤبد أو الإعدام، ما يساهم في ردع من تسول له نفسه الإضرار بالبلاد والمجتمع».
وبيّن أن «القانون منح فرصاً علاجية للمدمن لمعالجته، وتصل المدة الزمنية لعلاجه إلى 3 شهور، وليس مثل السابق كان أسبوعاً، كما تم رفع الغرامات على التجار في المخدرات، وفي بعض القضايا تصل إلى مليوني دينار في قضايا الجلب والاتجار». وأشار إلى أنه «في السابق كنا نعاني من أمر التسليم والمراقبة، ففي القانون السابق لسنة 1983 وتعديلاته في سنة 1987، لم يكن موجوداً التسليم بين الدول، وكانت تصلنا معلومات من بعض الدول أن هناك شحنة في طريقها إلى الكويت، ولم يكن مسموحاً لنا أن نتتبع الشحنة، لحين إدخالها إلى البلاد، وضبط مستقبل الشحنة. أما الآن فقد أتاح لنا القانون أمر التسليم والمراقبة، وهذا مهم جداً، فالهدف ليس فقط ضبط شحنة المخدرات بل ضبط المتهم المستقبل للشحنة، حتى لا يتم إرسال شحنات أخرى من المخدرات للبلاد، وهذا الأمر يقطع الطريق على من تسول له نفسه التهريب».
طرق مبتكرة
وبيّن قبازرد أن «التجار ابتكروا طريقة لترويج المخدرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت نافذة لاستدراج صغار السن. أما في القانون الجديد فقد تم قطع الطريق عليهم وسد هذه الثغرات وعقوبتها مغلظة. ونحن في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أصبحنا نستخدم الذكاء الاصطناعي في متابعة البيانات وتحليلها، لرصد المجرمين وتجار المخدرات والمروجين في البلاد».
واختتم حديثه بتوجيه رسالة توعوية بأن «القانون الجديد حازم وشديد، ونوصي الأسر بمتابعة أبنائهم، وفي حال كان لديهم ابن يتعاطى أو مدمن، فعليهم اللجوء لنا أو تسجيل شكوى إدمان في النيابة، حيث سيتم التعامل مع الأمر بسرية، ونقوم بإرسال المدمن إلى مركز معالجة الإدمان». كما حذر تجار المخدرات والمروجين، من أن «الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ستضرب بيد من حديد، ولن تتهاون في جمع التحريات والمعلومات، لرصد وضبط كل من تسول له نفسه التجارة بالمخدرات ولن يفلت من العقوبة التي تصل في هذا القانون للمؤبد والاعدام، وكل من يمشي في هذا الطريق عليه مراجعة نفسه، لأنه ليس هناك رأفة أو رحمة من من يسلك هذا الطريق».
العميد حمد الصباح: من يُضبط بالخارج بتهمة مخدرات يُسحب جواز سفره لمدة 5 سنوات
- تم إعدام اثنين من التجار قبل شهرين وهناك عدد آخر ينتظر التنفيذ
- الإعدام عقوبة من يستغل طفلاً أو مراهقاً في الترويج والتسويق
- لم نتشدد في عقوبات المتعاطي أو المدمن لأننا نتعامل معه كمريض ونحاول علاجه
- تقدّم المتعاطي الطوعي لطلب العلاج يعامل بسرية تامة دون قيود ولن تُسجل سابقة في ملفه
- مكاتبنا الخارجية تعمل بشكل مميز في متابعة الشحنات المرسلة وتمرير المعلومات لنا
قال مساعد مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات العميد الشيخ حمد الصباح، إنه «منذ تأسيس الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في 2006، ونحن نحاول أن نعدّل القانون، واليوم نشهد تحديثاً كاملاً للقانون الذي يعالج ويسد كل الثغرات القانونية التي كان يفلت منها تجار ومروجو المخدرات».
وأضاف الصباح لـ«الراي» أن «المخدرات بكافة أنواعها والمؤثرات العقلية أصبحت في جدول واحد، حيث كنا في السابق نعاني مع ترويج مواد الشبو والكيميكال، وهي أشد خطورة من المواد المخدرة الأخرى وكان الكثير يلجأ لها بسبب عقوبتها المخففة، ولكن الآن أصبحت مثل بقية المخدرات ومصير من يروج لها يصل إلى الإعدام».
وأشار إلى أنه «من خلال التعديلات التي قمنا بإضافتها، خرج هذا القانون بحلة جديدة تواكب وتسد كافة الثغرات وتقطع الطريق أمام كل من يريد العبث في أمن الوطن والمواطن حيث شمل القانون تعديلاته على تغليظ عقوبات في تهريب وترويج المخدرات محلياً ودولياً. ونحن لم نتشدد في العقوبات على المتعاطي أو المدمن، لأننا نتعامل معه كمريض ونحاول علاجه، وهناك بعض التعديلات في موضوع تعافي المدمنين من خلال وضعهم في مراكز مؤهلة ومهيئة لعلاجهم في مراكز الإدمان بسرية تامة، حيث أجازت المادة 61 في القانون للمتعاطي التقدم الطوعي للمستشفى لطلب العلاج بسرية تامة دون قيود، ولن تُسجل سابقة في ملفه. والمادة 62 تنص على أن أسرة المدمن لغاية الدرجة الثالثة، يمكن أن يتقدموا إلى النيابة العامة بشكوى على ابنهم المدمن، ونحن بدورنا نذهب له ونودعه مركز الإدمان للعلاج».
تنفيذ الإعدام
وبيّن الصباح أن «هناك عدداً من المتهمين في السجن يواجهون عقوبة الإعدام بسبب تجارة المخدرات، وتم إعدام شخصين منهم قبل شهرين، وهناك عدد آخر في انتظار تنفيذ العقوبة بحقهم خلال الفترة المقبلة، بعد صدور حكم الإعدام»، مشيراً إلى أن «لدينا مكاتب لمكافحة المخدرات في الخارج، وتقوم بعمل مميز في تمرير المعلومات، كما لدينا تعاون خليجي وعربي ودولي، والتنسيق مستمر على مدار العام لمكافحة المخدرات، ومكاتبنا الخارجية تعمل بشكل مميز في متابعة الشحنات المرسلة. ونعرف المروجين الذين يقومون بإرسال كميات من المخدرات، وهناك أحكام صادرة بحقهم، وزودنا بها الدول المقيمين بها، بالإضافة إلى أن هناك تنسيقاً مع الدول في حال ضبط مواطن كويتي بالخارج بتهمة مخدرات، حيث يتم تسليمه لنا، ويتم وضع عقوبة عليه بسحب جواز سفره لمدة 5 سنوات وهي عقوبة إدارية».
وتابع «نحن بعد هذا القانون الجديد نعلم أن هؤلاء المجرمين أشخاص خطرون، وغالباً ما يكونون مسلحين، ونحن سنتعامل معهم بحزم وبشدة ودون تهاون لأنهم يعرفون أن مصيرهم الإعدام». وأضاف «القانون سيكون شديداً مع كل شخص بالغ، سواء الأب أو أي شخص آخر يستغل طفلاً أو مراهقاً في ترويج أو تسويق المخدرات ستكون عقوبته الإعدام».
وناشد الصباح الأسر بأن يراقبوا أبناءهم، «فمن خلال الإحصائيات ضبطنا أطفالاً ومراهقين، لم يكن هناك توجيه أو مراقبة من أسرهم، وهناك تنسيق مع وزارة التربية لتوعية الطلبة في المدارس، وبالإضافة الى تنظيم محاضرات في الكليات والجامعات، للتعريف بأضرار وعقوبات المخدرات وخطورتها على مستقبل الطالب».
المقدم مناور: للقانون جانب إنساني مهم.. بمنح المدمن فرصة حقيقية للعلاج قبل الوصول للمساءلة
أوضح مساعد مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات المقدم محمد مناور، أن «القانون الجديد لمكافحة المخدرات لم يأتِ بالعقاب فقط، بل قدّم جانباً إنسانياً مهماً يمنح المدمن فرصة حقيقية للعلاج قبل الوصول للمساءلة. فالمشرّع اعتبر المدمن مريضاً يحتاج إلى رعاية وتدخّل مبكر لإنقاذ حياته».
وقال مناور لـ«الراي» إنه «وفقاً للمادة 61 من القانون، يستطيع المدمن التقدّم طوعاً للعلاج دون أي إجراءات جزائية، ما دام ملتزماً بالخطة العلاجية. كما منحت المادة 62 الأقارب حتى الدرجة الثالثة حق طلب إيداع المدمن للعلاج إذا شكّل خطراً على نفسه أو غيره. وهذه الآليات تحمي الأسرة والمجتمع، وتضمن التدخل قبل تفاقم الإدمان».