رأي نفطي

أرقام كويتية واكتشاف الغاز الحر

تصغير
تكبير

تُعَدّ هذه الأرقام من المؤشرات الأساسية المرتبطة بالاقتصاد الكويتي خلال السنة المالية الحالية، وهي لا تتجاوز سبعة أرقام. ومن أبرزها ميزانية دولة الكويت للعام المالي القائم، التي ستنتهي في نهاية شهر مارس من العام المقبل. وتشكّل الميزانية نقطة البداية لفهم الوضع المالي العام؛ إذ يبلغ إجمالي ميزانية هذا العام نحو 24 مليار دينار كويتي، في حين تُقدَّر الإيرادات المالية بحوالي 18 مليار دينار، ويُتوقَّع عجزٌ قدره 6 مليارات دينار.

ويعني ذلك أن سعر النفط الحالي أقل من المعدل المطلوب لتحقيق التوازن في الميزانية العامة، وهو ما أدّى إلى استمرار العجز المالي بصورة شبه مستدامة منذ ما يقرب من عشر سنوات.

وفي الوقت نفسه لم يَعُد السعر المطلوب للنفط، أي السعر اللازم لتحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات، ثابتاً عند حدود 90 دولاراً للبرميل. إذ يتراوح سعر النفط الخام الكويتي بين 65 و66 دولاراً للبرميل، ما يعني عجزاً يومياً يقارب 24 دولاراً في البرميل الواحد. وهذا هو سبب العجز الحقيقي، إذ تحتاج الكويت إلى سعر يقارب 90 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن المالي.

وبناءً على ذلك، قد يصل العجز المالي في نهاية السنة المالية (نهاية شهر مارس المقبل) إلى نحو 18 مليار دينار كويتي.

ومن الصعب توقّع تحسّن أسعار النفط خلال الأشهر الخمسة المقبلة، ما يفرض على الجهات المختصة اتّخاذ قرارات مالية لمواجهة هذا العجز الكبير. وهنا تُطرح تساؤلات حول الاستمرار في سياسة الاقتراض من البنوك كما جرت العادة، أو اللجوء إلى تسييل بعض أصول الصندوق السيادي. كما ينبغي دراسة ما إذا كانت عوائد الصندوق السيادي أعلى بكثير من تكلفة الاقتراض الخارجي، لا سيما أن الاقتراض من البنوك العالمية أقلّ كلفة، في حين تبقى عوائد الصندوق أكبر، مما يفضّل الاستمرار في سياسة عدم تسييل الأصول والحفاظ عليها للأجيال القادمة، مع العمل على زيادة الإيرادات المحلية.

ومن الصعب كذلك توقّع مسار أسعار النفط مستقبلاً، فقد تصل مثلاً أسعار مؤشر برنت إلى حدود 62 دولاراً للبرميل، أو يتراجع النفط الأميركي إلى ما دون 60 دولاراً، بل هو الآن عند حدود 58 دولاراً. وهذه الأسعار بالكاد تغطي تكاليف الإنتاج للمنتجين المحليين، ولا تحقق الأرباح المنشودة، ما يجعل الشركات تواجه المستثمرين وحملة الأسهم بأسباب عدم تحقيق العوائد المطلوبة.

ولا يمكن كذلك زيادة إنتاج الكويت من النفط الخام في الوقت الحالي، إذ يبلغ الإنتاج نحو 2.55 مليون برميل يومياً، ومن غير المتوقع رفع الإنتاج قبل خمس سنوات تقريباً ليصل إلى حدود 3 ملايين برميل فأكثر. وقد تلجأ الكويت إلى شراء أنواع مختلفة من النفط لتزويد مصافيها الخارجية الثلاث في الدقم (عُمان) وفيتنام وميلازو (إيطاليا) بهدف تزويد عملائها بالنفط الخام.

أما الخبر الأهم فهو اكتشاف حقول غاز حر في مناطق جزّة والنوخذة والجليعة، وهي حقول غاز حقيقية وواعدة، تمثّل مصدراً جديداً للكويت وللأجيال القادمة بإذن الله. ونتمنى من القطاع النفطي التعاون مع الشركات العالمية المتخصصة لتطوير عمليات التنقيب والإنتاج باستخدام أحدث التقنيات والأساليب.

ونعلنها صراحةً: ليست لدينا الخبرة الكافية في تطوير حقول الغاز، لذلك فإن الاستعانة بشركات متخصصة سوف تُسهم في تسريع الإنتاج، اعتماداً على خبراتها المتنوعة حول العالم.

لقد دخلت الكويت مجالاً جديداً من شأنه أن يساهم في خفض المصاريف والتكاليف، وذلك بتوفير ما يقارب 4 مليارات دينار سنوياً كانت تُنفق على استيراد الغاز من الخارج. إنه رزق جديد من الله تعالى لبلادنا، ومصدر واعد دخل أرضنا وجزرنا، يحمل الخير لنا ولأبنائنا من بعدنا.

مبارك للكويت هذا الاكتشاف، ومبارك لنا جميعاً بدء تجربة جديدة في مجال البحث عن الغاز واستثماره محلياً، بما يسهم في تخفيض التكاليف. وفي المستقبل، سوف تُحتسب العوائد المالية من النفط والغاز معاً، ونسأل الله أن يبارك في الكويت ويجعلها دائماً في تقدّم وازدهار.

كاتب ومحلل نفطي مستقل

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي