طلب الأموال المرتفع بين البنوك يزداد ذهاباً وإياباً والفائدة مُحفّزة في الاتجاهين

منافسة مصرفية على القروض والودائع حدودها مفتوحة حتى... حسابات الجوائز

تصغير
تكبير

- البنوك تُوسّع تحركاتها لتعزيز مخزون السيولة بما يكافئ مرحلة التمويلات المُتصاعدة
- طلب السيولة الممكّنة للنمو المستدام ائتمانياً يغذي المنافسة
- سرّ ربحية النمو سوقياً يتجاوز الهامش الضيّق لنطاق الحجم
- قروض وودائع الكبار تُسعّر في مزاد غير مُعلن يُحدّده وزن العميل
- 8 و10 في المئة نمواً مرجّحاً لمحافظ قروض أكبر 8 بنوك بـ 2025
-2026
- الودائع لاسيما المستقرة أكثر ركائز البنوك أهمية في بناء الخطط المفتوحة
- الأفراد الأعلى تأثيراً في دعم المراكز والربحية وتحسين الجدارة والثقة

ربما قد يكون معتاداً الأيام الماضية أن يتلقّى شخص اتصالاً من أحد البنوك يبلغه الموظف خلاله أنه بإمكانه الحصول على قرض استهلاكي بحده الأقصى «إذا كان مستوفياً للشروط»، وأن البنك مستعد لتمويله فوراً، وبمجرد انتهاء الاتصال، يعقبه آخر من موظف في البنك نفسه يخبره بأن لديهم عروضاً ادّخارية لأمواله «إن وجدت»، بعوائد أكثر جذباً، تشمل جميع الأموال حتى المودعة في حسابات الجوائز، والتي جرى التقليد مصرفياً فتحها للعملاء بدون فائدة، مقابل دخولهم في سحوبات على جوائز نقدية، فما الذي يحرّك الشهية المصرفية المرتفعة على الأموال ذهاباً وإياباً؟

توقعات متفائلة

بعيداً عن نشاط التمويلات الشخصية منذ بداية العام حتى نهاية أكتوبر، بشقيها الاستهلاكي 0.6 في المئة والإسكاني 4.1 في المئة، تعكس البيانات المصرفية الأخيرة تنامي حركة منح القروض في السوق المحلي، بصفقات ضخمة شملت، امتصاص ملياري دينار في تمويل خطط الديون السيادية التي بدأتها الحكومة، بعد إقرار قانون التمويل والسيولة، إضافة إلى صفقة تمويل مشترك لمؤسسة البترول بـ 1.5 مليار دينار.

وفي الوقت نفسه، هناك توقعات متفائلة تشي باستمرار دوران عجلة النمو الائتماني للمشاريع الكبرى والمتوسطة الفترة المقبلة، للدرجة التي رجحت معها وكالة «ستاندرد آند بورز» ضمن تقريرها الأخير الذي رفعت خلاله تصنيف الكويت السيادي إلى «-AA»، نمو محفظة الإقراض لأكبر 8 بنوك كويتية بين 8 و10 في المئة خلال الفترة (2025- 2026) مدعوماً بتحسّن نسبي في البيئة الاقتصادية وأسعار الفائدة المنخفضة.

وأمام الطلب المرتفع من القروض المقررة أو المرتقبة بحدود تشكّل طفرة، يكون طبيعياً أن ترفع البنوك استعداداتها لتعزيز ممكناتها لمواصلة النمو الائتماني المستدام، والذي يتطلب زيادة معززة لمنسوب السيولة المهيئة للإقراض بأريحية، ومن أجل ذلك تسارع البنوك لتدعيم مصادرها الرئيسية لجذب الأموال، بحدود تقابل المتغيرات الائتمانية الإيجابية،، وأثناء ذلك يبرز سلوك جذب الودائع كمسار مصرفي إستراتيجي، باعتبارها من أهم معززات قدرة البنوك على الاستمرار الصحي في تمويل انتعاش القروض المرتقبة، ما يتطلب تشجيع أصحاب الأموال وتحفيزهم على الادخار بحوافز متنوعة، أبرزها نسبة فائدة أحياناً أعلى من معدلها المعتاد، وبأوعية مبتكرة تشمل حتى الأموال منقطعة العائد، أملاً في زيادة تدفق السيولة، خصوصاً من شريحة كبار العملاء، التي يعامل أعضاؤها بمزاد خفي بين البنوك على تسعير قروضهم وودائعهم، يحدد قيمته ودرجة تنافسية مزايديه وزن العميل.

وخلال أول 10 أشهر من 2025، ارتفعت الودائع لدى البنوك المحلية 7.3 في المئة وبنحو 3.93 مليار دينار، لترتفع إلى 57.75 مليار في أكتوبر الماضي، من 53.82 ملياراً في ديسمبر 2024، كما ارتفعت على أساس سنوي 8.2 في المئة وبنحو 4.396 مليار، بعد أن كانت 53.358 مليار، كما زادت 0.9 في المئة وبنحو 518 مليون شهرياً.

الدورة العكسية

ووسط حالة الزخم الائتماني المرتقب، تسعى جميع البنوك للنمو سوقياً في هذا النطاق ويشمل ذلك جميع اتجاهات التمويل الشخصية والشركات والسيادية، ما يفسّر النشاط المصرفي المتزايد نحو جميع القطاعات خصوصاً التشغيلية، ولتجاوز التعرض لمخاطر انخفاض مستويات السيولة، مقابل متطلبات بنك الكويت المركزي و«بازل 3» المنظمة لمنح وإيداع الأموال مصرفياً، تعمل البنوك على زيادة أرصدتها من ودائع العملاء، باعتبارها أكثر الركائز أهمية في بناء الخطط الائتمانية المفتوحة، كما أن العملاء الأفراد لاسيما المستقرين منهم، هم الأكثر تأثيراً في دعم المراكز المالية لدى البنوك، فأهمية هذه الشريحة لا تقتصر فقط على ارتفاع حجم الودائع، بل ركيزة إستراتيجية لارتفاع الربحية وتُحسّن جدارة المحافظ، إضافة إلى تعزيز الثقة في البنوك.

وعملياً، تستفيد البنوك من الدورة العكسية للفائدة، والتي تساعدها في تقليل تكلفة الأموال عليها قياساً بمعدل العائد لاسيما الذي تحصل عليه من الجهات الحكومية، ما يعني تقليص الفجوة بين أسعار الإيداع والإقراض، فمهما قدمت لأصحاب الودائع من عائد على أموالهم أعلى من المعتاد، لاتزال ضمن نطاق ضيق من الهامش، يضمن لها تحقيق ربحية مناسبة، إذا ما قيست ربحية البنك بحركة إجمالي قروضه التي تُعد الأوسع، لجهة تكلفة مصادر أمواله المبنية من الودائع، وإعادة منحها بأسعار فائدة مميزة وتحديداً ذات الآجال الطويلة، فسر الربحية من هذه الشريحة الفترة المقبلة من انتعاش القروض، يتجاوز الهامش الضيق إلى نطاق الحجم.

توازن عائد وتكلفة الأموال يحدّد المنافسة

توافر زيادة الطلب على الائتمان المتوقع من كل اتجاه خصوصاً للمشاريع الكبرى، والحاجة المتنامية لتغطيته محاسبياً الدافع لمزيد من المنافسة على الأموال بين جميع البنوك ذهاباً أي إقراضاً بهدف النمو سوقياً بأعلى درجة ممكنة من حركة انتعاش القروض المواكبة والمرتقبة، وإياباً أي بزيادة مستويات السيولة المريحة التي توافر للبنوك المرونة المناسبة لتمويل خططها للتوسع الائتماني دون التعرّض لصدمات السيولة أو مواجهة سلم استحقاقات تنظيم السيولة.

فمن خلال بلوغ التوازن مصرفياً بين عائد وتكلفة الأموال تحدّد درجة المنافسة بين البنوك على منح واستقطاب الأموال، فكلما زادت الفجوة صعدت المنافسة والعكس صحيح.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي