وفقاً لدراسة شملت مليون شخص
الثقة... المكوّن الأساسي للسعادة
كشفت دراسة بحثية أميركية ضخمة، شملت أكثر من مليون شخص، أن الثقة هي المكون الأساسي والأكثر أهمية لتحقيق السعادة، حيث قامت الدراسة بتحليل بيانات من مختلف أنحاء العالم، لتحديد العوامل التي تساهم بشكل أكبر في الشعور بالرضا عن الحياة والرفاهية العامة. وتوصل الباحثون إلى أن الثقة، سواء كانت الثقة في الآخرين، أو في المؤسسات، أو في المجتمع ككل، تتفوق على عوامل أخرى مثل الدخل والصحة والتعليم في تحديد مستوى السعادة الفردية والجماعية.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن المجتمعات التي تتمتع بمستويات عالية من الثقة المتبادلة بين الأفراد تميل إلى أن تكون أكثر سعادة وأقل عرضة للتوتر والقلق. فعندما يثق الناس ببعضهم البعض، تقل الحاجة إلى الحذر المفرط، وتصبح التفاعلات الاجتماعية أكثر سلاسة وإيجابية.
كما أن الثقة في المؤسسات الحكومية والأنظمة القانونية تخلق شعوراً بالأمان والاستقرار، ما يحرر الأفراد من القلق في شأن المستقبل ويسمح لهم بالتركيز على جوانب الحياة الأخرى.
ووجد الباحثون أن تأثير الثقة على السعادة كان قوياً بشكل خاص في الأوقات الصعبة والأزمات. ففي المجتمعات التي تسودها الثقة، يكون التعاون والدعم المتبادل أكثر فعالية، ما يساعد الأفراد على تجاوز التحديات بشكل أفضل.
وعلى النقيض من ذلك، فإن انخفاض مستويات الثقة يرتبط بزيادة الشعور بالعزلة الاجتماعية، والشك، والتعاسة، حتى في ظل توافر الموارد المادية.
وتؤكد هذه النتائج على أهمية بناء وتعزيز الثقة الاجتماعية كأولوية للسياسات العامة التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة والرفاهية. ويقترح الباحثون أن الاستثمار في الشفافية، والعدالة، والمؤسسات الموثوقة، والتعليم الذي يعزز القيم الاجتماعية، يمكن أن يكون له تأثير أكبر على سعادة المواطنين من مجرد التركيز على النمو الاقتصادي وحده.
وتوفر الدراسة دليلاً قوياً على أن رأس المال الاجتماعي، المتمثل في الثقة، هو في الواقع مفتاح السعادة المستدامة.