جدل علمي قد يعيد تشكيل مستقبل الطب
هل الشيخوخة مرض؟
- محاولة لفك شفرة سر الحياة الأطول والأكثر صحة
خلال العقدين الماضيين، تحولت دراسة الشيخوخة من مجال بحثي محدود إلى «منطقة بحث رئيسية»، حيث يسعى العلماء إلى فك شفرة «سر الحياة الأطول والأكثر صحة».
ومع هذا الاهتمام المتزايد، لايزال هناك خلاف جوهري بين العلماء حول مفهوم الشيخوخة، وأبرز نقاط الخلاف هي: «هل يجب اعتبار الشيخوخة مرضاً؟».
يرى بعض العلماء، مثل عالم الأحياء آلان كوين من جامعة كولومبيا، أن هناك طيفاً واسعاً من الآراء، يتراوح بين من يعتقدون أنه لا يمكن التدخل في عملية الشيخوخة، ومن يذهبون إلى أقصى الحدود بالدعوة إلى جعل البشر خالدين.
ويجادل مؤيدو تصنيف الشيخوخة كمرض، مثل عالم الأحياء ريتشارد فاراغر من جامعة برايتون، بأن تعريف المرض على أنه شيء يمكن الوقاية منه وعلاجه وإبطاؤه ينطبق على الشيخوخة.
ويشير فاراغر إلى أن تصنيف حالات مثل ارتفاع ضغط الدم كمرض أدى إلى توجيه التمويل والبحث نحو إيجاد علاجات لها، وأن تصنيف الشيخوخة بالمثل سيؤدي إلى تسريع التقدم في فهمها وإدارتها.
ويؤكد فاراغر أن الشيخوخة «لا تنفصل عن الأمراض»، مستشهداً بالخلايا الهرمة (Senescent cells) التي تتراكم مع التقدم في السن وتساهم في أمراض مزمنة مثل أمراض القلب والضعف الإدراكي، وأن إزالة هذه الخلايا في الدراسات الحيوانية أدت إلى «زيادات هائلة» في الصحة والعمر، ما يشير إلى أن هذا الجانب من الشيخوخة «قابل للعلاج والعكس».
ويعتقد مؤيدو هذا التصنيف، مثل مينغ غو، مديرة مركز الشيخوخة بجامعة جنوب كاليفورنيا، أن تصنيف الشيخوخة كمرض سيشكل نقلة نوعية في الدعم التنظيمي والتمويلي للبحوث، وسيطلق العنان للكثير من التمويل ويسهل تطوير الأدوية والعلاجات الواقية من الشيخوخة.
وفي المقابل، يحذر المعارضون من التداعيات الأخلاقية والاجتماعية لتصنيف الشيخوخة كمرض. فقد تم سحب محاولة لتصنيف «الشيخوخة» كمرض رسمي في التصنيف الدولي للأمراض (ICD) في العام 2022 بعد اعتراضات من أطباء وعلماء.
ويشير كيران رابهيرو، طبيب الشيخوخة النفسي في جامعة أوتاوا، إلى أن هذا التصنيف قد يزيد من وصمة «التمييز على أساس السن» (Ageism)، حيث سيُعتبر أي شخص يتجاوز سناً معيناً «مريضاً». كما يرى سنديب خوسلا، طبيب الغدد الصماء في «مايو كلينيك»، أن هذا التصنيف قد يحول تركيز المرضى عن التدخلات الرئيسية مثل «نمط الحياة» إلى الاعتماد على الأدوية.