ديرة عزيزة يتصف أهلها بالخير والبذل والعطاء، كلما دلفت الأيام تزخر صفحاتهم بتدفق البذل.
نقف هذا اليوم على شمائل كثيرة للسيدة سهيلة السماك، رحمها الله، التي ملأت صفحات تدفقت فيها الرحمة فأطلق عليها (أم الرحمة)، هذا النعت الجميل الذي إذا اتصف فيه أحد نشر من حوله هذه السمة التي إذا عمّرت القلوب جعلتها مصابيح تبث عطاءً مميزاً تُشرق به قلوب مَن تعمره.
أم مهدي، قدرة واثقة في عطائها واستعداد جميل في مواهبها، أما الميول فحدّث ولا حرج، ممتلئة بالرشاد والإرشاد نحو سبيل الخير.
عملت في قسم التغذية بمستشفى الأميري، فجدّت في عملها واجتهدت في أدائها حتى أصبحت نبراساً يشعُّ عطاءً وتفاؤلاً وتفانياً في مضمار الاجتهاد.
نشأت في هذه الديرة الجميلة في منطقة الشعب وورثت تراث أهلها الطيب ودرست في مدارسها وكانت بارة لوالديها، وقائمة على متطلباتهما دون كلل أو ملل وهي تستمع إليهما أكثر من أن تتكلم وتلبي حاجاتهما بكل طواعية واقتدار، وهي التي ترعى زوجها وأبناءها وأهل بيتها حق رعاية.
أم مهدي، قنديل الذي يقترب منه يلحظ في شعاعاته إصراراً وعملاً مفعماً بالرحمة، ما أجمل هذه المفردة، التي تشع محبةً وعفواً وتسامحاً ينطبق عليها قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، عليه السلام، (المؤمنون في الدنيا هم أهل الفضائل، ملبسهم الاقتصاد، مشيهم التواضع، غضوا أبصارهم عما حرّم الله عليهم ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم، قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة).
ولكن حقيقة الدنيا لابد وأن تتلخص بقول الأديب:
رأيت بني الدنيا كوفدين
كلما ترحل وفد حلّ في إثره وفد
وكل يجد السير عنها ونحوها
فيأتي بذا مهد ويمضي بذا نعش
وفود تأتي وأخرى تروح، ولكن الذي يميز المجتهد منهم العمل الصالح المفعم بالرحمة.
قدمت أم مهدي، العون الكثير لزوجها وأبنائها حتى نهضوا في مسيرتهم وشقوا دروبهم ومضوا في أعمالهم بإطمئنان ويسر بفضل الرحمة المتدفقة من قلب أم الرحمة.
اللهم بارك لأم مهدي في حلول دار البلاء وطول المقامة بين أطباق الثرى واجعل القبر بعد فراق الدنيا خير منزل لها واخلف على أهلها وذويها وأبنائها ومحبيها الصبر والسلوان إنك ولي ذلك والقادر عليه.
صدق الأديب المتألق/ عبدالله سنان:
بكيت دماً لو في الرزايا دم يجدي
ذوبت روحي كل روحي على خدي
ولكن من قد راح ليس بعائد
أترجع الأيام مَن بات في اللحد
في أمان الله وحفظه يا أم مهدي.