تساهم في انبعاث الغازات الدفيئة
«اللدائن الدقيقة» خطر على التربة
أصدر علماء تحذيراً جديداً عقب اكتشاف مقلق في عينات التربة، يتعلق بالتأثيرات الضارة لـ «اللدائن الدقيقة» (Microplastics) على صحة التربة والمساهمة في انبعاث الغازات الدفيئة. كشفت دراسة أجراها باحثون في معهد البيئة الحضرية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم عن أن وجود هذه الجزيئات البلاستيكية متناهية الصغر، والتي أصبحت منتشرة في كل مكان من جسم الإنسان إلى أعماق البحار، يؤدي إلى تدهور كبير في جودة التربة. ورغم أن تأثير اللدائن الدقيقة على التربة كان مهملاً في السابق، إلا أن النتائج الجديدة تؤكد ضرورة التعامل معها كملوث رئيسي يهدد الأمن الغذائي العالمي.
وأظهر البحث، الذي نُشر في مجلة «العلوم والتكنولوجيا البيئية»، أن زيادة تركيز اللدائن الدقيقة، بما في ذلك جزيئات البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET) وكلوريد البوليفينيل (PVC)، يحفز نشاط البكتيريا النازعة للنتروجين (denitrification) في التربة. هذا النشاط المفرط يؤدي إلى تحويل كميات كبيرة من النترات، وهي مغذيات حيوية لنمو النباتات، إلى غاز النيتروجين. وتكمن الخطورة في أن هذه العملية لا تسبب فقط فقدان التربة للعناصر الغذائية الأساسية، ما يضر بالإمدادات الغذائية العالمية ويزيد من تفاقم انعدام الأمن الغذائي، بل تؤدي أيضاً إلى إطلاق أكسيد النيتروز ($text{N}_2text{O}$) في الغلاف الجوي.
ويُعد أكسيد النيتروز من الغازات الدفيئة القوية للغاية، حيث تبلغ قدرته على الاحترار حوالي 300 ضعف قدرة ثاني أكسيد الكربون. وبالتالي، فإن التلوث باللدائن الدقيقة يساهم بشكل مباشر في ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتفاقم الظواهر الجوية المتطرفة.
وشدد العلماء على أن نتائجهم تساهم في «فهم أعمق للتأثيرات البيئية لتلوث اللدائن الدقيقة على صحة التربة ودورة المغذيات»، مؤكدين على الحاجة الملحة لدمج تنوع اللدائن الدقيقة في إستراتيجيات إدارة التربة للتخفيف من فقدان النيتروجين وحماية خدمات النظام البيئي للتربة.
وفي خطوة إيجابية نحو إيجاد حلول، اكتشف فريق بحثي آخر طريقة لاستخدام منتج ثانوي زراعي شائع، وهو «البيوشار» (Biochar)، لامتصاص اللدائن الدقيقة من التربة. وقد أظهرت هذه الطريقة قدرة على إزالة 92.6 في المئة من الجزيئات البلاستيكية من العينات المدروسة. وتؤكد هذه الجهود على أن العلماء يعملون بنشاط لإيجاد حلول لأكثر قضايا المناخ إلحاحاً، مشيرين إلى أن الحد من الاستخدام الشخصي للبلاستيك يظل خطوة أساسية لمكافحة إنتاج المزيد من هذه الملوثات الدقيقة.