في 15 مارس افتتح اليهود ما سمي «كنيس الخراب»، والتي ارتبطت بنبوءة حاخام صهيوني أن يوم افتتاحها هو يوم بناء الهيكل المزعوم. والكنيس تم بناؤه على أرض إسلامية ملاصقة للمسجد العمري المغلق، ولا يفصلها عن المسجد الأقصى من الناحية الغربية إلا عشرات الأمتار.
وقد أعلن اليهود الصهاينة أن العام 2010 هو عام الهيكل المزعوم، المبني على أنقاض المسجد الأقصى المبارك بحسب زعمهم. وطوال اثنين وستين عاماً عمل اليهود الصهاينة على السعي بكل الطرق لهدم المسجد الأقصى المبارك، وقد نشطت وكثرت حفرياتهم تحت وحول الأقصى تحت سمع وبصر العالم الإسلامي الغارق في حالة من الضعف والهوان ليس لها مثيل، وقد أغرت تلك الحالة اليهود على الاستمرار في مخططاتهم الخبيثة لتهويد معالم القدس العربية الإسلامية فتم هدم أكثر من 24 ألف منزل للفلسطينيين، وبناء أكثر من 60 ألف وحدة استيطانية لليهود الصهاينة، بخلاف تغيير الكثير من معالم المدينة العربية الأثرية، حتى المقابر لم تسلم من مؤامراتهم الشيطانية.
ويوجد الكثير من الجماعات اليهودية التي تأسست بهدف هدم المسجد الأقصى، وهي تُعدّ بالعشرات لكن أهمها: «غوش إيمونيم»، «حي فاكيام»، «هتحيا»، «أمناء الهيكل»، «كاخ»، «كهانا حي»، «حشمونائيم»، «بيتار»، «سيوري تسيون»، «هيكل القدس».
وقد تنوعت مؤامرات اليهود مابين اعتداء على المسجد الأقصى واعتداءات على المصلين وحفريات أسفله وبناء كنيس بجانبه مع زخم سياسي صهيوني يؤيد المخططات وقيود أمنية صهيونية تعيق الفلسطينيين عن التصدي بحسم لمؤامرات اليهود.
وطوال اثنين وستين عاماً استغل اليهود حالة العرب والمسلمين من التفرق والضعف، والحرص على المصالح الخاصة، في التلاعب بهم عبر ما يسمى بمفاوضات السلام التي تمر عليها الأيام والشهور والأعوام ولا يعطي اليهود المحتلين للفلسطينيين «قيد شبر» من حقهم، في الوقت الذي ينشطون فيه في تهويد القدس، وتغيير خريطتها الجيوغرافية، والتوسع في المغتصبات، والقتل والتشريد والأسر والحصار للفلسطينيين، وفوق ذلك كله مخططهم الشيطاني لهدم الأقصى لا يتأخرون عن خطواته التي تتسارع يوماً بعد يوم، حتى وصلنا إلى إعلانهم بكل وقاحة أن عام 2010 هو عام بناء الهيكل... وسط صمت مريب من كثير من الحكومات العربية والإسلامية، وضعف أمة زادت على مليار نسمة.
ولكن يبقى التساؤل المهم: هل يستطيع اليهود أن يتمكنوا من هدم الأقصى في ظل حالة استسلام وتفرق النظام العربي؟
يبقى هنا وقفات:
الأولى: من اللافت أن العالم كله هب بكل قوة مندداً بما فعلته «طالبان» من هدم تماثيل بوذا، والآن ذلك العالم، حكومات ومنظمات ورؤساء، أصابهم الصمت المريب كأنهم لم يسمعوا بالمسجد الأقصى المقدس عند المسلمين وما يحدث له من مؤامرات تخريب وهدم.
ثانياً: إن ما يحدث في القدس من مخطط شيطاني لهدم الأقصى وحفريات أسفله، وضم مساجد المسلمين لليهود، وإعلان العام 2010 عام بناء الهيكل، يحدث ذلك كله وهناك قمة عربية منعقدة، ما يجعلها في اختبار صعب، وهنا البعض يقول بعادة المؤتمرات في الشجب والإدانة فقط، وهو ما يغري اليهود الصهاينة بالمسارعة في مخططهم الشيطاني.
ثالثاً: أعتقد أن ما يحدث ابتلاء من الله لكل المسلمين كي يهبوا من غفلتهم، ويسارعوا للعمل لنجدة الأقصى كل بحسب ما يستطيع، والله لن يخزينا نحن المسلمين بهذه المصيبة في حياتنا لو أننا أخذنا بالأسباب وتوكلنا على الله وقامت الشعوب، ولا أقول الحكومات، بدورها في دعم المرابطين في القدس وفي المسجد الأقصى.
رابعاً: رغم كل مظاهر الضعف والخيانة من البعض للقدس وللأقصى، ورغم ما يملكه اليهود من قوة عسكرية ودعم أميركي للعدوان لكن مازالت الأمة بخير ومازالت تقاوم العدوان بكل ما تستطيع... فقد قدمت حركات المقاومة الإسلامية من التضحيات ما أعتقد أنها أسباب تمنع نزول هذه المصيبة بالمسلمين في زماننا، ولن تقع إلا إذا تخلى المسلمون عن مقاومة العدوان على مقدساتهم. ولكن والحمد لله ها هم الشيوخ والرجال والفتية، بل والأطفال الشجعان في فلسطين يواجهون الموت بصدور مكشوفة، وها هي النساء المسلمات يقفن معهم يؤيدنهم ويدافعن عن الأقصى معهم بكل ما يستطعن... ولن يخذل الله شعباً يقاوم العدوان والظلم على قدر استطاعته.
ممدوح إسماعيل
محامٍ وكاتب
[email protected]