فوزي مساعد الصالح... رجل سبق عصره
غيّب الموت العم فوزي مساعد الصالح المطوع، رجل الأعمال وأحد الشخصيات الكويتية التي عُرفت بعطائها الهادئ ومساهماتها الإنسانية والاجتماعية، ونظرتها المبكرة المختلفة للعمل التجاري والاستثماري والتعليمي والبنيوي، للدرجة التي يستحق معها أن يقال عنه «رجل سبق عصره».
كان الراحل وهو من أحفاد الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، أحد رواد التعليم الأوائل في الكويت، من الداعمين للعمل الثقافي والتعليمي أيضاً، إذ أسهم في إطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عيسى القناعي للكتاب، وكان من أبرز المتبرعين لها عبر شركته التعليمية (فوزك التعليمية)، إيماناً منه بأهمية دعم الإبداع وتشجيع الثقافة الوطنية.
تميّز الفقيد بحكمته وتواضعه وحرصه الدائم على دعم المبادرات الخيرية والتعليمية، وكان مثالاً للرجل الصامت في عطائه، يقدم دون انتظار مقابل أو إعلان، لكن من الواضح أن إسهاماته لبناء الإنسان وتطويره قرّرت أن تكون شاهداً على عطائه التنموي حتى بعد مماته، وكلمة السر «مدرسة البيان الخاصة ثنائية اللغة»، والتي شكّلت منذ تأسيسها على يد الراحل نقلة نوعية في التعليم بالكويت، ووفرت مؤشراً حقيقياً للتنمية البشرية.
لم تقتصر نجاحات العم فوزي مساعد الصالح المطوع، في ترسيم لوحة تعليمية مشرقة من أجيال الكويت المتتالية، بل تتوسّع سيرته اقتصادياً ليقدم خلال حياته نموذجاً لرجل الأعمال الكويتي الذي يجمع بين الخبرة في يد والطموح اقتناص الفرص في اليد الأخرى، وسيطرة الشخصية الجريئة باتخاذ القرارات الناجعة.
وكان الراحل، وهو رجل الهندسة خريج الولايات المتحدة الأميركية صاحب دور في إنجاز المشاريع التنموية محلياً وخارجياً عبر إنشاء البنى التحتية والطرق في الكويت والعراق وموريتانيا ومصر، وغيرها من البلاد التي تشهد طرقها وجسورها ومحطاتها للكهرباء على دور هذا الرجل في الإنجاز، والذي بدأ مسيرته مع والده في 1962 وهي سنة تخرجه عبر المساهمة في إنشاء طريق الكويت البصرة عبر شركة المقاولات المعروفة مساعد الصالح، فيما ساهم لاحقاً في إنشاء 22 جسراً في العراق، وفي السبعينات كان حاضراً في تنفيذ مشروع إطلاق البنية التحتية بالكويت، فيما تتضمن إسهاماته محلياً بناء مجمعات المصالح في بنيد القار وإنشاء طريق العين- جبل الظنة السريع في الإمارات عام 1973.
فضلاً عما سبق كان الراحل من مؤسسي شركات العقارات المتحدة والأنابيب المعدنية ومجموعة الشارقة، وتكريساً لدوره الوطني، عبّر الراحل في أكثر من مناسبة عن رؤيته لتطوير مدينة الكويت ومناطقها الحيوية، مؤكداً أهمية إعادة تأهيل بعض المناطق الرئيسية لمواكبة النمو والتوسع العمراني، وكانت بدايته منذ نشأة النهضة العمرانية في البلاد.
بعد عمر يقارب 88 عاماً ترك الراحل سيرة عطرة ومحبة واسعة بين كل من عرفه وتعامل معه، وسيوارى جثمانه الثرى غداً الخميس بعد صلاة العصر.
«الراي» تتقدم من أسرة الفقيد وأهله ومحبيه بخالص العزاء وصادق المواساة، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.