حروف نيرة

تفوّق الفِرقة على الفِطرة

تصغير
تكبير

يولد الإنسان على فطرة سليمة، كما خلقه الله تعالى، يحمل في داخله الاستعداد لتقبُّل الحق والإيمان به، ولولا تأثيرات خارجية تُفسد هذه الفطرة، لبقي الإنسان على صفائه ونقائه.

لكن ماذا يحدث عندما يكون الموجِّه نفسه - سواء كان مربياً أو داعية - هو سبب الانحراف عن الفطرة؟

هنا تظهر أهمية المسؤولية في التربية والدعوة، والتفريق بين النصح لله تعالى، وبين التوجيه الذي قد يزرع الشك بدل الهداية، يقول الله تعالى: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) الروم/30.

فالفطرة هي الأساس الذي بُني عليه الإنسان، وهي ما أشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه».

وهنا يتبيّن دور البيئة في تثبيت الفطرة أو انحرافها. فالمربي، سواء كان والداً أو معلماً، مسؤول عن المحافظة على هذا الصفاء الروحي، لا عن تبديله.

مِن فضل الله تعالى أن سخّر لنا دعاة مخلصين، يوجّهون الناس بما يوافق الفطرة السليمة، ويرسّخون المبادئ الإيمانية، ويجمعون القلوب على الخير.

لكن في المقابل، هناك من يخلط بين الدعوة والتوجه الحزبي أو الفكري، فيتوسع في مدح فئة معينة، وذم فئات أخرى، بل ويربط الفطرة السليمة باتباع حزبه أو جماعته.

وهنا يقع الخطر: حين يُربّى الشاب على أن الصلاح لا يتحقق إلا في جماعة بعينها، وأن من اختار غيرها يحتاج النصيحة، وكأن الجماعة أو الحزب هما الفطرة!

حين يتحدث الداعية مِن على منبره أو قناته أو حسابه على مواقع التواصل، فإن كلامه يصل إلى العامة، وربما يتأثر به الآلاف من الشباب، الذين لا يمتلكون أدوات التمييز بين الحق والباطل، فيظنون أن ما يقوله هو الدين، وهو الفطرة، وهو الطريق الأوحد، بينما هو في حقيقته رأي بشري، قابل للخطأ والصواب.

لهذا، يجب أن يتحلى الدعاة بالتقوى والورع والمسؤولية، لأنهم قدوة تُتَبع، ومصدر إلهام وتأثير، وأي انحراف في خطابهم، ينعكس مباشرة على مجتمع بأكمله.

في زمن الفتن، نحتاج إلى دعاة يذكّروننا بـ «فطرة الله» لا بحزبهم أو جماعتهم، نحتاج لمن يدعو إلى الحق الذي يجمع، لا الفكر الذي يفرّق.

aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي