غزة... Voice Against Force

تصغير
تكبير

ما دفعني لكتابة العنوان باللغة الإنكليزية، أن معظم الشعوب التي تظاهرت وساندت وعلت أصواتها كانت من جماهير غير عربية ومن دول غالبية شعوبها غير إسلامية، وهم يستحقون منا الشكر والثناء.

الحقيقة التي تأكدت هي تجّسد انتصار الصوت الإنساني على القوة الطاغوتية في غزة، كما هو الحال في انتصار أعظم صرخات الشعوب ضد المستعمرين. القوة الصهيونية التي قتلت نحو 67 ألف بريء من الأطفال والنساء والرجال العزل، وأصابت نحو 166 ألف إصابة بالغة، علاوة على تدمير معظم مباني مدينة غزة وتحويلها إلى ركام، كان يقابلها صوت الشعوب وصبر الغزاويين.

هذه ليست مجرد حالة شعورية ووجدانية أعبّر عنها كعربي ومسلم مؤمن بحق الشعب الفلسطيني ومَنْ لي سواه في تحرير أراضيه وتقرير مصيره وطرد المحتل، وإنما هي حقيقة وسنة تاريخية يفرضها صوت الحق على قوة الباطل. فقد انتصر البطل الأعزل المهاتما غاندي بثورته السلمية ضد الإنكليز واستطاع أن يُحرّر الهند، وخلفه الشعب الهندي المقهور.

واستطاع رمز النضال ضد الفصل العنصري نيلسون مانديلا أن يكسر حواجز التمييز العنصري وهو في السجن بعد مجازر حكومة الأبارتهايد.

واستطاع أسد الريف الثائر عبدالكريم الخطابي أن يقود الشعب المغربي للاستقلال من براثن الاحتلال الإسباني والفرنسي.

واستطاع أسد الصحراء عمر المختار أن يقود ليبيا وشعبها لنيل الاستقلال من الاستعمار الإيطالي.

واستطاع «العم» هو تشي منه أن يتصدى للاحتلال الفرنسي - الأميركي ويُحقق الاستقلال لفيتنام.

واستطاع أبوالأمة الأرجنتينية خوسيه دي سان مارتين أن يطرد المستعمر الإسباني من الأرجنتين وتشيلي وبيرو. واستطاع المحرر سيمون بوليفار أن يقود الاستقلال لعدد من دول أميركا الجنوبية، وهي فنزويلا وكولومبيا والإكوادور والبيرو، وطرد المحتل الإسباني منها.

واستطاع أيقونة التحرّر الأفريقي باتريس لومومبا أن يحرر الكونغو من الاستعمار البلجيكي.

واستطاع الصوت الحر لأفريقيا أحمد سيكو توري ان يحرّر غينيا من الاستعمار الفرنسي.

واستطاع رمز انتفاضة أول نوفمبر الشهيد مصطفى بن بولعيد أن يكون مشعل الثورة الجزائرية ضد الفرنسيين.

وفي التاريخ مئات غيرهم ممَنْ بدوا ضعفاء في القوة ولكنهم أقوياء في صوت الحق فانتصروا.

في كل تلك الثورات، الملايين قُتلوا وهُجّروا وجاعوا، وقادة سجنوا واستشهدوا وأُعدموا، ولكنهم في النهاية انتصروا جميعاً دون استثناء. فهل يمكن لمَنْ يدّعي أن غزة لم تنتصر أن يتحدى التاريخ وسير أبطاله وسُنن الله في ارضه التي لن تتبدل ولا تتحوّل؟

نعم، لقد انتصرت غزة، وكسرت أسطورية جيشه، وحاصرت الكيان الصهيوني بصوتها المظلوم رغم آلاف المليارات التي أنفقها لبث سردية المظلومية اليهودية التي غلفت عقول الكثير من الشعوب، خصوصاً الغربية، لفترة طويلة.

لقد أسقطت غزة قناع الإنسانية المصطنع، وكشفت النقاب عن مدعي الحريات المفتعلة، وسخرت من مستغلي الديمقراطية النخبوية، ودحضت ادعاءات منافقي القانون الدولي، واطاحت بأبواق المرجفين.

واستطاعت غزة أن تزيل التحريف والتخريف الإعلامي المبرمج الذي عملت عليه دوائر الصهيونية العالمية عبر سيطرتها على محافل ومنصات إدارة العقول. واستطاعت أن تسقط خطة احتلالها وتهجير أهلها، ومن ثم ضمها بالشكل الذي خطط له نتنياهو كتمهيد لتحقيق حلمه في «إسرائيل الكبرى»، وتحويله إلى كابوس يلاحقه من بيته إلى حتفه.

فلا شك أن صوت غزة الحر قد انتصر على قوة الصهيونية العالمية التي كان يعتقد البعض بأنها القوة التي لا تُقهر ولا تُنهر. وهذه ليست تمنيات ولا هي مجرد شعارات، بل هي حقيقة سيدونها التاريخ في كتاب ملاحمه الخالدة، كما كانت غيرها في آثارها ومآثرها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي