مخصص للتعريف بالمقتنيات الثقافية المسروقة
افتتاح أول متحف يسعى إلى تقليص معروضاته!
خلال فعاليات مؤتمرها العالمي للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة «مونديال كولت 2025» في برشلونة، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» أول متحف افتراضي (أونلاين) عالمي لعرض المقتنيات الثقافية المسروقة، وذلك في مبادرة رائدة تهدف إلى زيادة الوعي العالمي بحماية التراث الإنساني والتحذير من مخاطر الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية.
يستخدم المتحف تقنيات النمذجة ثلاثية الأبعاد 3D والواقع الافتراضي لعرض أكثر من 240 قطعة أثرية وفنية مسروقة من أكثر من 40 دولة، موفرة للزوار تجربة تفاعلية فريدة تتيح الاطلاع على القطع بتفاصيل دقيقة مع سرد تاريخي وثقافي شامل يضم شهادات المجتمع الأصلي المتضرر من سرقتها. كما يتضمن المتحف جناحاً خاصاً يستعرض قصص استرجاع ناجحة لعشرات من القطع الفنية، مقدماً رسالة أمل في تحقيق العدالة واستعادة الحقوق.
وجاءت فكرة تصميم هذا المتحف الأول من نوعه من مهندس معماري أفريقي حاصل على جائزة بريتزكر، يدعى فرانسيس كيري، والذي استلهم تصميمه من شجرة الباوباب رمز الصمود والتجذر، وقد أضفى التصميم طابعاً يعكس الأمل والإشراق عبر أشعة ضوئية رقمية تضيء المعارض والمتاحف الافتراضية.
وإذ يشرح هذا المتحف دور التعاون الدولي في مكافحة الجريمة المنظمة التي تستهدف نهب التراث الثقافي وتقويض الهوية الإنسانية، تقدّر منظمة الشرطة الدولية «الإنتربول» أن هناك نحو 57.000 قطعة أثرية مسروقة متداولة في السوق السوداء عالمياً، وهذا يعكس حجم التهديد الذي يواجه التراث الثقافي.
وتؤكد المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، أن كل قطعة ثقافية مسروقة تمثل جزءاً من الهوية والتاريخ والإنسانية نُزعت عن أصحابها، مشددة على أن هذا المتحف ينفرد عن أي متحف آخر بأنه الوحيد الذي لا يهدف إلى زيادة عدد معروضاته، بل إلى تقليصها، إذ تُسحب القطع من العرض الافتراضي عند استرجاعها، ليكون ذلك مدعاة للعدالة والتصحيح.
ويمثل هذا المشروع نموذجاً مبتكراً لاستخدام التكنولوجيا الرقمية في حماية التراث وحشد الوعي العالمي، إذ إنه يوفر منصة تعليمية وتوعوية تدمج المجتمعات والباحثين والمؤسسات الدولية في حوار مستمر حول حماية وحفظ التراث المعرض للنهب عبر التاريخ.