عامان، والعالم بأجمعه، يتفرج على إحدى أكبر المجازر في القرن الحادي والعشرين.
يتفرج العالم على جبال الجثث، ويندد، ويشاهد قصف المستشفيات، ويشجب، ويرى تجويع الأطفال ويستنكر.
عامان، وأهل غزة تسفك دماؤهم، وتقصف بيوتهم، ويحاصرهم العدو من كل جهة. وماذا بعد؟ لا شيء ندد واشجب واستنكر، واستمر بتقديم السلاح للكيان.
عامان من الحصار على غزة، أين كنا؟ وماذا فعلنا؟ لا شيء، ننظر ونحلل، ونوصي، فقط، لكن أين التنفيذ؟ عالمٌ كبير يتجاوز عدد دوله 190، فقط 5 دول تملك القرار، هي نخبة الدول المسمى بالدول العظمى، لكن حتى الدول الخمس عاجزة عن إيقاف المجزرة، لأسباب لا تخفى على أحد.
وقبيل الذكرى الثانية للحرب، يوم السابع من أكتوبر، صدر القرار، «حماس» تلقي السلاح، والسلطات الفلسطينية لا تملك القرار في غزة. سلطة جديدة، لا نعرف من تكون، تحت رعاية «مجلس السلام» بقيادة دونالد ترامب وتوني بلير، وبشعار «التكنوقراط».
خطه وضعها ترامب ومجرم الحرب النتن ياهو، من دون الجلوس مع الطرف الفلسطيني، وأعلناها للعالم، وكأنه أفضل عرض عقاري على الإطلاق (لحق ما تلحق)!
لأن الأهم هم أسرى الكيان الصهيوني، لا 15 مليون فلسطيني، نصفهم يعيش في الشتات.
يلوم بعض الناس «حماس» بسبب الحرب، يلومونها لأنهم تريد أن تتحرر، أن تكون لها دولتها، يلومونها لأنها تريد طرد الغزاة من أرضها.
هؤلاء، لم يجربوا العيش تحت الاحتلال لمدة 77 سنة. لم يجربوا الجوع والإهانة، وسلب الأرض والمال. لم يجربوا قهر الرجال، لم يجربوا أن يكونوا أداةً لتجارب الأسلحة الفتاكة، لم يجربوا الإبادة. تخيل أيها الأب، أن المقصوف بيتك الذي تسكنه. تخيلي أيتها الأم، أن الطفل الذي تشوه بسبب الأسلحة السامة، هو طفلك.
تخيلوا فقط، استبدل وجه الموتى، بوجهِ أحبابك.
أكثر من 67 ألف شهيد، كم مقبرة يحتاجون؟ أكثر من 170 ألف جريح، أي مستشفى يسعهم؟ نعم جرت الحرب، التي تدخل اليوم الخميس، يومها الـ 733 الويلات على غزة وأهلها، لكنها جرت معها اعترافات 157 دولة بقيادة سعودية - فرنسية، وأصبح الكيان الصهيوني كياناً منبوذاً في المحافل الدولية.
وبعد:
إنما النصر يصنع بتتبع الأسباب، وإن أول النصر يكون باتحاد كل الفلسطينيين تحت سلطة واحدة.
وكما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «الضمانة الوحيدة للأمن هي الأصدقاء... والأسلحة».
لكن غزة لا تملك أصدقاء، ولا أسلحة، بل تملك إيماناً لا يُقصف.