نقاش مصرفي حول آلية معالجة التمويلات القائمة ومخاطر التعثّر دفترياً وإجرائياً

كيف تتعامل البنوك مع قروض المسحوبة جناسيهم؟

No Image
تصغير
تكبير

- فرز المقترضين إلى 3 شرائح أبرز السيناريوهات... متقاعدون ومؤهلون للتقاعد وموظفون
- التعامل مع قروض «المزورين» يتطلّب محاسبياً بناء مخصصات 100 %
- إعادة هيكلة أجل القسط وقيمته مرجحة حسب محدّد «تعديل الوضع»
- نوع الوظيفة واستقرارها من أبرز محركات التعاطي مع العميل ائتمانياً وإجرائياً
- لكل بنك سياسة ائتمانية مستقلة تُحدّد مستهدفاته للنمو والمخاطر التي يقبلها
- تغطية هوامش الدين بحجز مبالغ من مكافآت نهاية الخدمة أو التأمينات وارد  

كيف سيتصرّف مسؤولو البنوك مع العملاء المقترضين من الأشخاص المسحوبة جنسياتهم، حملة المادة الثامنة «زوجات الكويتيين»، والمادة الخامسة «أعمال جليلة»، إلى جانب رأس المخاطر، وهم المزوّرون، أو بمعنى أدقّ، هل سيستمر تحصيل ديون هؤلاء العملاء المسحوبة جنسياتهم وفقاً للآجال المقررة لها وقيمة أقساطها المحددة سلفاً، أم أن شيئاً ما سيتغيّر معهم قانونياً وإجرائياً؟

أسئلة عدة فرضت نفسها، لتكون محل نقاش واسع بين مسؤولي البنوك الفترة الأخيرة، مكتسبة مع ذلك زخماً إضافياً للبحث واستشراف الحلول.

ولعل من أبرز مغذيات هذا الحراك، أن بنوداً عدة في عقود تمويل العملاء تغيّرت بالفعل أبرزها المحددة للجنسية ومعدل الدخل، ما ترتب عليه الإخلال بشروط التعاقد، ومن ثم يحق للبنوك، من نافذة معالجة المخاطر المحتملة، إعادة النظر في آلية التعامل مع قروض هؤلاء العملاء، وفقاً لإقامتهم الجديدة.

هوية العميل

ويأتي في مقدّمة المتغيرات في حالة العميل المسحوبة جنسيته، تغير هويته التي كان يحملها عند تعاقده مع البنك، حيث كان وقتها كويتياً، وبناء عليه حصل من ذلك على مزايا ائتمانية ذات أفضلية مخصصة للمواطن عن بقية العملاء، ومن صور ذلك إمكانية حصوله وفقاً لتعليمات بنك الكويت المركزي، على تمويل شخصي يصل 95 ألف دينار كحد أقصى، في حال استيفاء الشروط الرقابية موزعة على قرض استهلاكي بحد أقصى 25 ألفاً، وآخر سكني يصل 70 ألفاً.

أما المخاطر المستجدة مصرفياً في أعين مسؤولي البنوك، فتتعلق بضمان استدامة تحصيل أقساط قروض المسحوبة جنسياتهم بالجودة نفسها، وذلك لتغير معطيات التمويل التي منحت بناء عليها، فتاريخياً، وبشهادة وكالات التصنيف العالمية، تتمتع القروض الاستهلاكية في البنوك المحلية بحماية جيدة، لأنها موجهة بحد كبير للمواطنين يعمل غالبيتهم في وظائف حكومية، ما يجعلهم يتمتعون بمستوى عالٍ من الأمان الوظيفي، وهذا ما يدفع صانعي السياسة الائتمانية إلى منحهم مزايا تمويلية خاصة، لتدني مخاطر إنهاء خدماتهم.

عقد جديد

وعودة إلى العملاء المسحوبة جنسياتهم، حيث تنامت حساسية المصارف أخيراً من إمكانية اتساع رقعة التعثّر في هذا النطاق، وتحديداً المزوّرين، فحسب التوجيهات الرسمية وخلافاً للملاحقة القضائية، لن يكون بمقدور أعضاء هذه الفئة الاستمرار في وظائفهم، ما يعني مصرفياً توقف رواتبهم بشكل دائم، ما يزيد مخاطر تعثّرهم لأعلى مستوى.

وتزداد هذه الإشكالية تعقيداً، خصوصاً إذا علم أنه حسب إحصاءات غير رسيمة، تقارب أعداد المسحوبة جنسياتهم لأسباب تتعلّق بالغش والتزوير 8 آلاف شخص، وبافتراض أن 5 آلاف منهم كانوا مؤهلين للاقتراض، وحصلوا بالفعل على تمويلات، وقياساً على متوسط قروض الكويتيين السنوات الماضية، الذي يقارب 30 ألف دينار، يبلغ إجمالي تمويلاتهم نحو 150 مليوناً، وهي مبالغ معرّضة لمخاطر أن تكون ديوناً معدومة، علماً أن هذه الأرقام نظرية، وتعتمد على فرضية أن هذه القروض في بدايتها، ولا يقابلها أي ضمانات مالية يمكن تسييلها، مقابل القرض، باستثناء الراتب.

كما من تداعيات الانكشاف على العملاء المسحوبة جنسياتهم، لأسباب تتعلق بالتزوير، مخاطر مصرفية حتمية، حيث إن البنوك مضطرة محاسبياً لتكوين مخصصات احترازية مقابل كامل قروضهم (100%)، أي بما يوازي القيمة التمويلية القائمة عليهم.

ويتسق هذه المتطلب المصرفي مع توجيهات ديوان الخدمة المدنية، الذي أوصى الجهات الحكومية بعدم جواز بقاء المسحوبة جنسياتهم، وفقاً للمادة 21 مكرراً من قانون الجنسية الكويتية وتعديلاته (غش أو أقوال كاذبة أو تزوير)، في العمل، لحين موافاة الجهات لاحقاً، بالآثار الوظيفية والمالية المترتبة على ذلك، ما يعني توقف تدفق رواتبهم.

فكرة التصنيف

ومن بين السيناريوهات المطروحة مصرفياً لمعالجة ما قد يستجد من مخاطر أمام قروض العملاء المسحوبة جنسياتهم، وتحديداً «زوجات كويتيين» و«أعمال جليلة»، فرزهم وفقاً لـ 3 شرائح، الأولى هم المتقاعدون، والثانية المحتمل تقاعدهم، وأخيراً الموظفون غير مستحقي التقاعد. ومحاسبياً، لا تواجه البنوك ضغوطاً تذكر من فئة المتقاعدين أو المحتمل تقاعدهم، على أساس أنهم لا يزالون يتمتعون بجودة الائتمان القائم بحكم ضمان المعاش.

وفي ما يتعلق بالفئة الثالثة وهم الموظفون، فمن المرتقب أن تتبنى البنوك معهم إجراءات جديدة، تهيكل من خلالها أجل سداد أقساطها، وترتكز حدود هذه الآلية على محدد جنسية العميل بعد تعديل وضعه، ما يعني تخفيف درجة الانكشاف عليه تمويلياً مقارنة بالمواطن.

إيداعات واستقطاعات

ونتيجة لما سبق، سيتم التعامل مع ما تبقى من أقساط العملاء المسحوبة جنسياتهم ائتمانياً، بما تقرّه خطط كل بنك تجاه كل مقترض، ومعطيات العميل للاقتراض، ومدى استقراره وظيفياً ومستقبل وظيفته ونوعها، ما ينبئ بإمكانية أن تقوم البنوك بإعادة جدولة إجبارية، تضمن استقطاع المبالغ الإضافية التي تتجاوز قيمة القرض الذي يستحقه العميل، وفقاً لوضعه الجديد، وذلك في حال إيداع أي استحقاقات في حساباته، تتعلق بأقساط تأميناته المدفوعة، أو مكافأة نهاية الخدمة، أخذاً بالاعتبار أن ذلك يحق للبنك بعد تغير أبرز شروط عقده الائتماني المتعلق بجنسية العمل.

المبدأ نفسه

وفي هذه الحالة، ستطبق البنوك على العملاء المسحوبة جنسياتهم، وتحديداً من الشريحة غير المؤهلة للتقاعد، المبدأ نفسه الذي تطبقه على العملاء غير الكويتيين، في حال إيداع مبالغ نهاية خدماتهم قبل انتهاء أقساطهم، حيث يقوم بعضها بحجز مبالغ من هذه المكافآت، توازي قيمة الأقساط المستحقة كضمانة، حتى ثبوت انتقاله لوظيفة جديدة مستقرة، أو أن تستمر في استقطاع أقساطها الشهرية من المبلغ المحجوز بانتظام، حتى سداد كامل المديونية، فيما قد يلجأ بنك آخر إلى تنفيذ عملية سداد مبكر من هذه المبالغ، يغطي الهامش الإضافي المقرر لدى البنك لغير الكويتيين، محتمل كل حسب سياسته.

فرصة الاستقطاع

وباختلاف السيناريوهات المطروحة، فإن لكل بنك سياسة ائتمانية مستقلة، يحدد من خلالها مستهدفاته للنمو، ودرجات المخاطر التي يقبل بها أو تخفض شهيته للإقراض، بما لا يخالف تعليمات البنك المركزي.

وعملياً، ستكون هناك فرصة أوسع أمام البنك الدائن باستقطاع أقساط قرضه من حساب العميل، إذا كان يتضمن أي سيولة، سواء جارية أو ودائع، أخذاً بالاعتبار أن هذا الحق مقصور فقط على البنك الدائن، أي أنه إذا كان للعميل مبالغ مودعة في حساب بنك آخر، بخلاف الممول، لن يكون بمقدور الأخير استقطاع مديونيته.

ّبناء مخصصات إضافية

بالنسبة لقروض العملاء «الأعمال جليلة» فالحاجة لبناء مخصصات إضافية مقابلها ذات درجة أقلّ حدة بكثير من «المزورين» وأعلى من مؤشر «زوجات الكويتيين»، فيما يرتبط معدلها بمؤشرات التعثّر المحتملة جراء تأخر تعديل وضع الإقامة والاستقرار الوظيفي.

فوفقاً لقرار ديوان الخدمة المدنية، تم اعتماد آلية تعاقد حكومي مع المسحوبة جنسياتهم «أعمال جليلة» ومع مَن اكتسب الجنسية بطريق التبعية لمدة سنة، على أن يجدد العقد من قبل الجهة.

وبناء على ذلك المتغير الرئيس، يكون عقد عمل العميل تحول من مستدام الأجل إلى موقت، ما يحفّز البنوك لإجراء تعديلات حمائية في التعاطي مع القروض المبوّبة في دفاترها لهؤلاء الفئة من العملاء.

المعاش ضمانة المتقاعدات لدى البنوك

تشي غالبية الترجيحات أن البنوك ليست بحاجة إلى تعديل قيمة أقساط قروض العملاء المتقاعدين من المسحوبة جنسياتهن سواء «المادة الثامنة» أو «المادة الخامسة»، على أساس أن لديهن معاشات يمكن من خلالها الاستمرار في سداد ما تبقى من مديونياتهن، وهذا في حد ذاته يُشكّل ضمانة حقيقية تُهدّىء أي مخاطر مصرفية محتملة من ناحيتهن.

وبافتراض طلب أي منهن إعادة هيكلة قرضها، فسيتم التعامل مع كل حالة على حدة، وحسب مقدرات المعاش التقاعدي، فيما تنسحب هذه النظرة مصرفياً أيضاً على المؤهلات للتقاعد منهن.

المسطرة المصرفية لن تكون واحدة

قد يكون مفيداً الإشارة إلى أن المسطرة المصرفية لن تكون واحدة مع جميع العملاء المسحوبة جنسياتهم، حيث يرجح أن يكون لبعضهم مقدرة أوسع في توفير ضمانات إضافية للبنك من قبيل الودائع، وغيرها من معززات الملاءة المالية التي تزيد كفاءة العميل لدى البنك، وهذا الأمر مطبق بالفعل مع العملاء غير الكويتيين، حيث يختلف تصنيفهم في دفاتر البنوك، كل حسب معطياته للاقتراض.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي