رأي نفطي

حوار «أوبك» وشهية الاقتراض

تصغير
تكبير

يدور النقاش حالياً، حول معدل الزيادة المقبلة لدول منظمة «أوبك+»، وهل ستكون لصالح الطرف الذي يريد زيادة بمقدار 300 ألف برميل، أم للرقم الذي يُطالب بما بين 300 إلى ما فوق 500 ألف برميل زيادة في اليوم، اعتباراً من الشهر المقبل؟

وكان القرار الأخير جرى لصالح روسيا بزيادة بحدود 137 ألفاً يومياً، وتراوح هذه الزيادات ما بين 4 آلاف برميل إلى 41 ألفاً لكل من روسيا والمملكة العربية السعودية، وهي كميات ضيئلة لدول «أوبك»، وحصة الكويت منها 10 آلاف لتبلغ حصتها من الانتاج لـ 2.569 مليون برميل في اليوم ابتداء من نوفمبر المقبل.

هل هذه الزيادة ستؤدي إلى تخمة في الأسواق النفطية، وإلى خفض في أسعار النفط، أو ثمة تفاؤل عام في الأسواق بأن الطلب العالمي سيرتفع والعالم بحاجة إلى هذه الزيادات؟ وهل فقط من أجل استقرار سعر النفط ومن محاولة لزيادة إنتاج دول «أوبك» من أجل استرداد كمياتها التي خسرتها للدول النفطية والمصدرة من خارج المنظمة وإرغام المنتجين الآخرين على أن يخفضوا انتاجهم، وان المعدلات المنخفضة المقبلة لسعر النفط ستجبرهم على خفض إنتاجهم.

لكن نحن بحاجة لمعرفة سياسة «أوبك» المقبلة، بينما تطالب الإدارة الأميركية المنظمة بزيادة انتاجها لصالح المستهلك الأميركي... لكن الاستمرار في زيادة الإنتاج سيضر حتماً المنتج الأميركي المحلي والذي قد لا يستطيع مواكبة الانخفاض الحالي، اذا ما انحدر عن المعدل الحالي عند 62 دولاراً للبرميل.

لكن لماذا تريد المنظمة زياده انتاجها، وهي تعلم حتماً أن أي زيادة ستؤدي إلى ضعف في الأسعار وزيادة في العجز المالي المستمر منذ سنوات في معظم دول المنظمة؟ قد تفضل بعض دول المنظمة، زياده الإنتاج من أجل زيادة التدفقات المالية من «الكاش»، وهو الأهم، بدلاً من ترك الحصص السوقية لغيرها، وبذلك تفقد أسواقها وتفتح الباب لغيرها من الدول النفطية المصدرة للنفط ومنها دول «أوبك».

وقد ترى المنظمة ان من الأفضل الاستمرار في زياده الانتاج وإغراق الأسواق، لأنها تعلم هي المستقبل. وتعلم ايضاً ان أبواب البنوك مفتوحة لها بضمان النفط والاحتياطيات النفطية المتراكمة.

ولهذا فان الدول النفطية قد لا تبالي بانخفاض أسعار النفط على المدى القصير، حيث ترى أن المدى البعيد هو الضمان، ومنها الحصول على القروض البنكية المطلوبة. وقد لا تنتهي المشكلة المالية وستسمر الدول النفطية بالاعتماد على النفط.

لكن المطلوب حالياً... إيجاد البديل، أم تتجه الدول النفطية إلى الاستثمار في الخارج، مثل الكويت من خلال الصناديق السيادية، وحتى من خلال الاقتراض؟

حتى نحن في الكويت اتجهنا مرة أخرى إلى أسواق الدين العام، وحصلنا على قرض سيادي بمبلغ 11 مليار دولار، والثاني منذ العام 2017. وسبب نجاحنا متانة ومكانة الكويت المالية، وكذلك نسبة الدين العام لا تتجاوز 3 % من الناتج العام.

وقد يكون العامل الأهم الأكبر، امتلاكنا لأصول سيادية تتجاوز تريليون دولار عبر الصندوق السيادي، ما يمنح المقرضين الثقة والاطمئنان.

لكن الخوف بأن نستمر في سياسة الاقتراض الخارجي، ولا نلتزم بخفض وضغط المصاريف المالية. وهنا قد تكمن المشكلة على المدى القريب والمتوسط. هذا المبلغ او الاقتراض سيكفينا لمدة لا تزيد على 3 سنوات، إلا إذا بدأنا فعلاً بسياسة ضغط المصاريف والتفكير ببيع بعض أصولنا المحلية والمملوكة للحكومة، والتي ليست من صلب أساسيات الدولة.

والخوف أن معدل سجل الاكتتاب فاق المعروض بنحو 2.5 مرة. والأهم أن سجل الأوامر وصل إلى 28 مليار دولار، تقريباً 3 أضعاف المبلغ المطلوب، مما يعني أن من الممكن الاستمرار في الاقتراض، طالما ان لدينا عوامل داعمة بسبب الاقبال الكبير على أول إصدار دين دولي للكويت من أكثر من 7 سنوات، وهو شي مشجع.

لكن ما يهمنا والعامل الأفضل على الإطلاق، هو ارتفاع سريع في أسعار النفط وفي نطاق يفوق الـ 70 دولاراً وبزيادة تقريباً 10 دولارات عن المعدل الحالي والبالغ 64 دولاراً. هذا المعدل يمثل مشكلة مالية لمعظم الدول المنتجة والمصدّرة ويحقق عجوزات مالية. وستضطر هذه الدول التوجه للاقتراض من البنوك المختلفة... ومَنْ يمتلك متانة مالية ومع نسبة دين منخفضة جداً، فمن السهولة الحصول على المبالغ المطلوبة... لكن يجب ألا نُدمن، هذا المسار.

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي