استخدمها ماو تسي تونغ لوصف القنبلة الذرية الأميركية
«نمر من ورق».. عبارة ترامب ذكّرت بدعاية صينية شهيرة
في مشهد سياسي يعج بالمفارقات التاريخية، أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام قليلة، إحياء عبارة «نمر من ورق» التي اشتهر بها الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، ليصف بها روسيا، وسط تململه من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ومماطلته في وقف الحرب مع أوكرانيا.
ليرد بوتين بدوره، ساخراً ومتسائلاً «إن كانت بلاده نمراً من ورق فماذا عن الناتو»؟
سر العبارة
إلا أن تلك العبارة ليست بجديدة، فقد استخدمها، ماو تسي تونغ للمرة الأولى في مقابلة عام 1946 مع الصحافية الأميركية آنا لويز سترونغ، من أجل وصف القنبلة الذرية الأميركية بأنها مجرد وسيلة لتخويف الشعوب.
ورغم أن مترجم ماو ترجم حينها عبارة «zhilaohu»إلى «فزّاعة»، إلا أن طبيباً أميركياً كان حاضراً اقترح ترجمتها إلى «paper tiger»، فوافق ماو على ذلك، وفق ما نقلت «وكالة أسوشييتدبرس للأنباء».
لتصبح تلك العبارة لاحقاً، جزءاً من الخطاب الدعائي للحزب الشيوعي الصيني.
وأضحت تُستخدم لوصف الإمبريالية الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة، بعدما قال ماو عبارته الشهيرة «كل الرجعيين هم نمور من ورق».
اختفت ثم عادت مجدداً
كما استخدم الكاتب الصيني لاو شي هذه العبارة لوصف القوات الأميركية خلال الحرب الكورية، وأصبحت لاحقاً «سلاحاً فكرياً حاداً» في يد منظّري الحزب، الذين اعتبروها تعبيراً عن«الفكر الاستراتيجي» لماو.
لكن مع تحسن العلاقات الصينية - الأميركية في السبعينيات، خفّ استخدامها، قبل أن تعود للظهور ثانية خلال السنوات الأخيرة مع تصاعد التوترات التجارية والسياسية بين بكين وواشنطن.
ففي أبريل الماضي، خلال حرب الرسوم الجمركية، نشرت وزارة الخارجية الصينية اقتباساً لماو من عام 1964، جاء فيه «أميركا تخيف بعض الدول وتمنعها من التعامل معنا... لكنها مجرد نمر من ورق. لا تصدقوا تهديداتها... ضغطة واحدة، وتنفجر».
وقبل أن يستخدمها ترامب مجدداً قبل أيام ضد روسيا، كانت عبارة «نمر من ورق» بدأت تتسلل إلى الخطاب الأميركي. ففي فبراير الماضي، كتب الصحافي يوجين روبنسون في صحيفة «واشنطن بوست» أن سياسة ترامب الخارجية تشبه«نمراً من ورق».
كما وصف أستاذ القانون في جامعة هارفرد لورنس ترايب، ترامب في مايو الماضي بأنه «نمر من ورق»، في محاولة لطمأنة الطلاب الدوليين من سياساته.
«شي يتفرج»
من جانبه، قال المؤرخ الصيني جون ديلوري «بصفتي مؤرخاً صينياً، لم أتمالك نفسي من الضحك على هذه المفارقة حين استخدم ترامب واحدة من العبارات المفضلة لدى ماو تسي تونغ، واصفاً روسيا بأنها نمر من ورق».
وأضاف أن «ماو قال ذلك عن الولايات المتحدة في وقت كانت فيه تمتلك ترسانة نووية متنامية، بينما لم تكن الصين قد أصبحت قوة نووية بعد... كم تغير الزمن».
وتابع «الآن، يتبادل قادة الولايات المتحدة وروسيا الاتهامات، بينما يجلس الزعيم الصيني شي جينبينغ متفرجاً، وكأنه البالغ الوحيد في الغرفة».
وكان ترامب وصف الأسبوع الماضي روسيا بأنها «نمر من ورق»، منتقداً أداءها العسكري في أوكرانيا.
فرد عليه الرئيس الروسي قائلاً «نحن نقاتل ضد كتلة حلف الناتو بأكملها، ونواصل التقدم بثقة... فإذا كنا نحن نمراً من ورق؟ ماذا يكون الناتو إذاً"؟ وأضاف متحدياً "تعالوا إذاً وتعاملوا مع هذا النمر من ورق».