حروف نيرة

مفاجأة عند الباب

تصغير
تكبير

في مجتمعاتنا، حيث الكرم والضيافة من أبرز القيم، المجالس والزيارات تُبنى على التقدير المتبادل، لا على المفاجآت.

فالزيارة بدعوة، ترحيب بالوجود، واستعداد للاستقبال، وحين تغيب الدعوة، فهذا لا يعني بالضرورة جفاء أو تجاهلاً، فقد يكون التوقيت غير مناسب، أو ظرفاً خاصاً، أو خصوصية يُراد احترامها.

ومع ذلك، يعتقد البعض أن أبواب الناس مفتوحة دائماً، متناسين أن حتى الكرم له سياقه، وأن حسن النية لا يُبرّر اقتحام اللحظة.

الكرم فضيلة، لكنه لا يُنتزع، والضيف المحبوب ليس من يفاجئ أهل الدار، بل من يأتِ بدعوة، ويسعدهم بحضوره...

كما في موقف قد يبدو عابراً: عندما قرّر أحدهم زيارة صديقه في يوم عطلة من دون اتفاقٍ أو مكالمةٍ سريعةٍ، معتقداً أن بينهما علاقة أقوى من الدعوات!

طَرق الباب، تفاجأ به صديقه، واستقبله مرتبكاً، وفي عينيه بعض الحرج. لم يكن البيت مجهزاً للضيافة، ولم يسمح الوقت بالجلوس... ابتسم صاحب الدار مجاملة، ورحب به ببرود، ثم اعتذر بعد دقائق بحجة ارتباط طارئ، وانصرف كلٌّ إلى حال سبيله. لكن شيئاً ما قد انكسر في تلك الزيارة... شيء اسمه التقدير.

التوجه إلى الناس من دون دعوة صريحة قد يُفسد الود، حتى لو كانت نيتك صافية، وكما يقول المثل الشعبي: «من راح بلا عزيمة... بات بدون فراش».

لا تُقْدِم على زيارة أو اجتماع من دون تنسيق مسبق، حتى لا تحرج نفسك، ولا تضيق على غيرك، ومن اعتاد التنسيق، كسب احترام الناس ومحبتهم، فلا أجمل من زيارةٍ مهيأة، تُسعد الزائر وصاحب البيت.

في النهاية، من يطرق الأبواب من دون دعوة قد لا يجد فراشاً ولا قلوباً مفتوحة، ومن يزور بدعوة تفتح له القلوب قبل الأبواب.

aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي