قيم ومبادئ

الإصلاحات

تصغير
تكبير

قياس الدين والدولة في الإسلام على الأديان الأخرى قياس مع الفارق الكبير... لاسيما الأديان التي توجد فيها الكهانة الدينية -كما كانت في الجاهلية- أو طبقة رجال الدين، التي تتولى الوساطة وإيصال واستقبال الرسائل والوصايا بين العباد والمعبود!

بيد أنه لا وجود في الإسلام لهذه الكهانة والرهبانية، ولا للوساطة كيفما كانت بين الخالق والمخلوق. فليست مسألة الفصل بين الدين والدولة في الإسلام بالمسألة التي تصطدم بحق الراعي أو حق الرعية على الوجه الذي عُرف في تاريخ هذه المسألة عند الأمم الأوروبية، وليست هي المشكلة المعروضة للبت فيها بين شعب من الشعوب الإسلامية.

ولنأخذ مثالاً على ذلك في الإصلاح الاقتصادي حيث نجد أن القرآن الكريم نهى صراحةً عن كنز الذهب والفضة وأمر بتداول المال (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم). كما منع القرآن الاحتكار والاستغلال توصلاً بإفساد الحكم والسيطرة على الحكام «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون».

في المقابل أمر الإسلام بالعدل والإحسان وإيتاء الزكاة، وهي تخول المستحقين من (بيت الزكاة) جزءاً من أجزاء الثروات العامة لا من ثروات الأرباح فقط!

ومن شاء فليتخيل هذا النظام في الاقتصاد الذي يبطل فيه الاحتكار، ويحرم أكل أموال الناس بالباطل، ويأمن فيه الفقير والمحروم على قوته ومعاشه، ثم يختار موضعاً فيه للانتقاد من ناحية الصلاح والإصلاح!

وكذلك قل إن عقل الإنسان ليعجز عن نقد نظام الحياة الاجتماعية في أصولها، إلا أن يكون من عبيد الحروف والعبارات المعلبة المرصوصة على غير الحكمة، بل على التقليد الأعمى لأوروبا ومدنيتها الزائفة!

وفي نظام الحكم وبعيداً عن جدلية العلاقة بين الشورى والديمقراطية، أقول: الشورى واجبة إذا اشتبهت الأمور، إما إذا كان هناك نص لا يحتاج للمشاورة بل يمضي في الإصلاح «فإذا عزمت فتوكل على الله» أي اعتمد على حول الله وقوته متبرئاً من حولك وقوتك؛ إن الله يحب المتوكلين.

بل الحق والحق أقول: إن (الضمير الديني) و(الوازع الحي) ليهديان العقل المعاصر إلى غاية الهداية التي تُطلب من (الدين القيّم) من دون أن يربطه بالقيود الآسرة لأي تنظيم حزبي مغلق أو يكرهه على الجمود المعطل أي تقليد عن الاجتهاد وإعمال الفكر...

وعلى هذا الضمير الديني، تقوم رسالة الإسلام التي تعلو مع الزمان على نظم الاقتصاد وبرامج الساسة وفذلكات صندوق النقد الدولي! وشقاشق العسكر القديم، ومن دعوة تلهج بالديمقراطية، أو صيحة تلغط بالمادية العفنة أو حذلقة (ناشط سياسي) تتعلق بأذناب المبادئ وأهداب النظريات التقليدية المعتّقة، وتحسب أن الإنسانية وُلدت هذه الساعة وأن الضمير الإنساني زي من أزياء الأمم يُلبس مع الصباح ويُخلع مع السهرة!

وعليه نقول: إن الدين جاء لصلاح الحاكم والمحكوم في الدنيا والآخرة. وقد يستصعب البعض الإصلاحات بحجة أن الشعب لم يتعود عليها أو أنها غريبة على الكويت وهذا لا نملك إلا أن نقول له... ما عرفت الكويت والكويتيين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي