نقطة انطلاق حاسمة لفهم الأمراض مثل «باركنسون» و«ألزهايمر»

اكتشاف الخارطة العصبية لعملية صُنع القرار في الدماغ

تصغير
تكبير

كشفت دراسة علمية أجراها فريق من الباحثين متعددي الجنسيات في مجال علم الأعصاب عن آليات عصبية غير مسبوقة تمكنهم من رسم خريطة لعملية صنع القرار داخل الدماغ البشري، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفتح آفاقاً جديدةً لفهم الاضطرابات السلوكية وتطوير علاجات أكثر فاعليةً لها.

الدراسة، التي نُشرت في مجلة «نيتشر»، توصلت إلى أن عملية اتخاذ القرارات لا تتم في منطقة واحدة من الدماغ، بل هي نتاج تفاعل معقد بين شبكات عصبية متعددة تتوزع على مناطق مختلفة.

ويرى خبراء متخصون في هذا المجال أن هذا الاكتشاف يعد نقلةً نوعيةً في علم الأعصاب، ويُسهم في تبديد الاعتقاد التقليدي القائل إن قشرة الفص الجبهي هي المسؤولة الوحيدة عن هذا الأمر.

ووفقاً للدراسة، يمر الدماغ بسلسلة من المراحل الحاسمة قبل اتخاذ أي قرار، بدءاً من جمع المعلومات، ومروراً بتقييم الخيارات، وصولاً إلى اتخاذ القرار النهائي. وتُظهر الخريطة العصبية الجديدة أن هناك مناطق تُعنى بتلقي الإشارات الحسية، وأخرى متخصصة في معالجة المكافآت والمخاطر، وثالثة مسؤولة عن تثبيط الاستجابات المتهورة. وهذه العملية المعقدة تضمن أن القرارات ليست مجرد ردود فعل عشوائية، بل هي نتيجة حساب دقيق ومعقد.

ويُعتبر هذا البحث نقطةَ انطلاقٍ حاسمةً لفهم الأمراض العصبية التي تسبب ضعفاً في اتخاذ القرارات مثل مرضي «باركنسون» و«ألزهايمر»، كما يُمكن له أن يُمهّد الطريق أمام تطوير تقنيات جديدة للتحفيز الدماغي العميق، التي تستهدف هذه الشبكات العصبية بدقة متناهية، ما يُساعد على استعادة الوظيفة الطبيعية للدماغ لدى المرضى.

ويُؤكد الباحثون أن هذه الخريطة ليست مجرد أداة أكاديمية، بل هي خريطة طريق حقيقية لتطبيقات سريرية مستقبلية، خصوصاً في مجال الطب النفسي، حيث يمكن أن تُساعد الأطباء على فهم كيفية تأثير الاكتئاب والقلق على قدرة الفرد على اتخاذ قرارات منطقية.

ومع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مجالات صنع القرار، تُقدم هذه الدراسة رؤى قيمةً حول كيفية محاكاة الدماغ البشري في الأنظمة الحاسوبية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يُسهم في تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر قدرةً على اتخاذ قرارات شبيهة بالقرارات البشرية، والتي تُراعي عوامل عاطفية وسياقية أكثر تعقيداً. وفي هذا السياق، يمكن للباحثين استخدام هذه الخريطة لتحديد نقاط الضعف في نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية، وتحسينها بشكل فعال، ما يعزز من موثوقية هذه الأنظمة في المجالات الحساسة مثل الرعاية الصحية والقيادة الذاتية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي