قدّمه «مسرح الدمى اللبناني» في «المهرجان العربي للطفل 8»
«كله من الزيبق»... أعاد صياغة الواقع على خشبة «المتحف الوطني»
ضمن فعاليات الدورة الثامنة للمهرجان العربي لمسرح الطفل، قدّم ضيف المهرجان «مسرح الدمى اللبناني» عرضه المسرحي «كله من الزيبق» من تأليف فايق حميصي وإخراج كريم دكروب، وذلك على خشبة متحف الكويت الوطني.
العرض، دارت أحداثه حول «الزيبق»، ذلك الولد الذي يتمتع بالشقاوة والعفرتة ويتحرك في كل مكان، لكن تضيق به الأمكنة ولا يجد الظروف المناسبة لإخراج طاقته واللعب كما يحلو له، في الوقت الذي يشتكي منه الجميع من فرط شقاوته، إلى حد أنه كلما وقع حادث أو حصل أي شيء يضع الجميع اللوم عليه، قبل أن يكتشفوا قدراته العالية وما يتميز به من ذكاء ليتحول في النهاية إلى منقذ وبطل.
وفي جهة أخرى، تطلُّ الساحرة الشريرة «أم عيون» التي تقوم بسحر كل من يلتقيها بمجرد النظر إليه لتمحو ذاكرته، فيتحول من إنسان طبيعي إلى كائن مشوّه أو مسخ.
وهنا يلجأ أهل المدينة إلى الزيبق، والذي يضع بدوره خطة للتخلص من الساحرة ويسانده فيها الجميع، في دلالة على أن الاتحاد يشكل عنصر قوة في مواجهة الشر. فيطلب من «أم المناديل» مناديل ومرايات بحيث تغطي المناديل رأسه فلا تستطيع الساحرة النظر في عينه وسحره، والمرايات المتعددة لكي تنظر فيها «أم عيون» فتسحر نفسها. ويبدأ الصراع بين «الزيبق» و«أم عيون»، والذي قدمه المخرج دكروب على هيئة خيال الظل، فكان حلاً ذكياً وتنوعاً بصرياً رائعاً ليعلن «الزيبق» في النهاية انتصاره على الساحرة وتخليص المدينة من شرها فيعود كل المسحورين إلى طبيعتهم الإنسانية.
«وسيلة نقدية»
ويؤكد المخرج دكروب في عرضه على أن الدمى ليست مجرد أدوات تسلية للأطفال، بل وسيلة نقدية وفنية قادرة على تفكيك تعقيدات الواقع وإعادة صياغته على الخشبة.
فالمسرحية اعتمدت على فكرة بسيطة وعميقة في الوقت ذاته، تتعلّق في الصراع الأزلي بين الخير والشر، والذي دارت رحاه بشكل جمالي جاء من خلال قدرة الفريق على الدمج بين التمثيل البشري وتحريك العرائس والشخصيات، والالتصاق بها، ما منح السرد مرونة وبعداً بصرياً جاذباً، في حين كان الديكور ديناميكياً فرأينا الخيمة تتحرك وتتشكل وتختفي وتخرج منها الشخصيات وتتحرك العناصر وتتشكل بسرعة وكأنها صورة بصرية للزيبق نفسه الذي ظهر في شخصيات عدة، بينما لعبت الإضاءة والإسقاطات الضوئية دوراً محورياً في إبراز هذا الإحساس بالخطر الذي يحيط بالمدينة ويهددها.
أما الموسيقى، فقد جاءت لتضيف طبقة أخرى من المعاني، وتعمقها إيقاعات لبنانية معاصرة ممزوجة بأصوات معدنية وسائلة، تحاكي طبيعة «الزيبق»، فخلقت جواً صوتياً متماهياً مع الفكرة البصرية.